للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من عمل الشّريف، وتقاتلوا عليها، وقطعوها قطعا بالسكاكين وتقاسموها، وكسروا أواني البلّور والصّيني، وقطعوا سلاسل الخيل الفضّة والسّروج الذّهب والفضّة وفكّوا اللّجم، وقطعوا الخيم وكسروا الخركاوات، وأتلفوا سترها وأغشيتها الأطلس والزّركفت.

وذكر عن كاتب قوصون أنّه قال: أمّا الذّهب المكيّس والفضّة فكان ينيف على أربع مائة ألف دينار، وأمّا الزّركش والحوائص والمعصّبات، ما بين خوانجات وأطباق فضّة وذهب، فإنّه فوق/ المائة ألف دينار، والبلّور والمصاغ المعمول برسم النّساء فإنّه لا يحضر. وكان هناك ثلاثة أكياس أطلس فيها جوهر قد جمعه في طول أيّامه لكثرة شغفه بالجوهر لم يجمع مثله ملك، كان ثمنه نحو المائة ألف دينار.

وكان في حاصله عدّة مائة وثمانين زوج بسط، منها ما طوله من أربعين ذراعا إلى ثلاثين ذراعا عمل البلاد، وستة عشر زوجا من عمل الشّريف بمصر، ثمن كلّ زوج اثنا عشر ألف درهم نقرة، منها أربعة أزواج بسط من حرير. وكان من جملة الخام نوبة خام جميعها أطلس معدني قصب جميع ذلك نهب وكسر وقطع. وانحطّ سعر الذّهب بديار مصر عقيب هذه النّهبة من دار قوصون، حتى أبيع المثقال بأحد عشر درهما لكثرته في أيدي النّاس، بعد ما كان سعر المثقال عشرين درهما.

ومن حينئذ تلاشى أمر هذا القصر لزوال رخامه في النّهب، وما برح مسكنا لأكابر الأمراء، وقد اشتهر أنّه من الدّور المشئومة، وقد أدركت في عمري غير واحد من الأمراء سكنه، وآل أمره إلى ما لا خير فيه (١). وممّن سكنه الأمير بركة الزّيني، ونهب نهبة فاحشة، وأقام عدّة أعوام خرابا لا يسكنه أحد ثم أصلح، وهو الآن من أجلّ مساكن الأمراء (a) (٢).


(a) بولاق: دور القاهرة.
(١) المقريزي: مسودة المواعظ ٤٢١ - ٤٢٢؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ١٥٩: ٢.
(٢) وأضاف أبو المحاسن المتوفى سنة ٨٧٤ هـ/ ١٤٦٩ م أنّ إسطبل قوصون هو البيت المعدّ لسكن كلّ من صار أتابك العساكر في زمانه (النجوم الزاهرة ١٢١: ٩). وفي سنة ٨٨٠ هـ أخذ الأمير يشبك من مهدي الدّوادار بيت قوصون وزاد عليه، ثم لمّا عيّن الأمير فخر الدّين أقبردي بن علي باي الدّوادار أتابكا - في سلطنة الملك الأشرف قايتباي - سكن في هذه الدّار كغيره من الأتابكة (السخاوي: الضوء اللامع ٣١٥: ٢).
وكان يعرف أيضا بالبيت الكبير عند حدرة البقر (ابن إياس: بدائع الزهور ٣٠٤: ٢، ٣٢٦). وما زالت بقايا هذا القصر باقية خلف مدرسة السّلطان حسن ومسجلة -