بكتمر الحاجب الأمير سيف الدّين (١) - كان أمير آخور، ثم ولي شدّ الدّواوين بدمشق في نيابة الأفرم، ولم يكن لأحد معه كلام في عزل ولا ولاية، ثم ولي الحجوبيّة: وتوجّه إلى صفد كاشفا على الأمير ناهض الدّين عمر بن أبي الخير، والي الولاة وشادّ الدّواوين بها، ومعه معين الدّين بن حشيش، فحرّر الكشف، ودقّقه (a) حتى قال فيه زين الدّين عمر بن حلاوات موقّع صفد:
[الكامل]
يا قاصدا صفدا فعد عن بلدة … من جور بكتمر الأمير خراب
لا شافع تغني شفاعته ولا … جان له ممّا جناه متاب
حشر وميزان ونشر صحائف … وجرائد معروضة وحساب
وبها زبانية تحثّ على الورى … وسلاسل ومقامع وعقاب
ما فاتهم من كلّ ما وعدوا به … في الحشر إلاّ راحم وهّاب (٢)
ولمّا قدم الملك النّاصر محمد بن قلاوون من الكرك إلى دمشق ولاّه الحجوبيّة، ودخل في خدمته إلى مصر وهو حاجب، ثم أخرجه ثانيا نائبا إلى غزّة في سنة عشر وسبع مائة فأقام بها قليلا، وطلبه وولاّه الوزارة بالدّيار المصرية، عوضا عن الصّاحب فخر الدّين بن الخليلي، في رمضان سنة عشر، فباشر الوزارة إلى أن قبض عليه مستهلّ ربيع الأوّل سنة خمس عشرة، واعتقل مدّة سنة ونصف، وأخذ له (b) كثير من ماله. ثم أفرج عنه وأخرج إلى صفد نائبا في سنة ستّ عشرة، وأنعم عليه بمائة ألف درهم، عنها يومئذ خمسة آلاف دينار، فأقام بها عشرة أشهر، وطلب إلى مصر فصار من أمراء المشورة (c)، وإذا تكلّم السّلطان في المشورة لا يردّ عليه غيره لما
(a) بولاق: رفعه. (b) ساقطة من بولاق. (c) بولاق: الأمراء المشهورة. ويدلّ على موضع دار الحاجب الآن المقابر الواقعة على رأس شارع نجم الدّين خارج باب النّصر من جهة اليسار. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٤: ٩ هـ ٢). (١) انظر ترجمة الأمير بكتمر الحاجب الحسامي، المتوفى سنة ٧٧٨ هـ/ ١٣٧٧ م عند، الصفدي: أعيان العصر ٧٠٣: ١ - ٧٠٦، الوافي بالوفيات ١٩٠: ١٠ - ١٩٢؛ ابن حبيب: تذكرة النبيه ١٨٣: ٢؛ ابن أبيك: كنز الدرر ٣٥٢: ٩؛ المقريزي: السلوك ٣١٤: ٢، المقفى الكبير ٤٦٦: ٢ - ٤٦٨؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ١٧: ٢ - ١٨؛ أبي المحاسن: المنهل الصافي ٣٨٦: ٣ - ٣٩٠. (٢) أضاف الصفدي في الوافي أن هذه الأبيات لسبط ابن التّعاويذي (أبو الفتح محمد بن عبيد اللّه بن عبد اللّه، المتوفى سنة ٥٨٣ هـ/ ١١٨٧ م) معروفة في ديوانه وأوّلها: يا قاصدا بغداد جز عن بلدة … للجور فيها زخرة وعباب وهي سبعة عشر بيتا قالها في الوزير ابن البلدي، فأتى ابن حلاوات بالبيت الأوّل وليس للفاء في قوله «فعدّ» محلّ.