صرغتمش، وسرّح مماليكه في القبض على جميع حاشية الوزير، فقبض على سائر من يلوذ به لأنّهم كانوا قد اجتمعوا بالقلعة.
وخالطت العامّة المماليك في القبض على الكتّاب، وأخذوا منهم في ذلك اليوم شيئا كثيرا.
حتى إنّ بعض الغلمان صار إليه في ذلك اليوم ستّ عشرة دواة من دوى الكتّاب، فلم يمكّن منها أربابها إلاّ بمال يأخذه على كلّ دواة ما بين عشرين إلى خمسين درهما. وأمّا ما سلبوه من العمائم والثّياب والمهاميز الفضّة فشيء كثير.
وخرج الأمير قشتمر الحاجب وغيره في جماعة إلى دوره التي بالمصّوصة (a) من مصر، فأوقعوا الحوطة على حريمه وأولاده، وختموا سائر بيوته وبيوت حواشيه - وكانوا قد اجتمعوا وتزيّنوا لقدوم رجالهم من السّفر - وأنزل الوزير في مكان مظلم من بيت صرغتمش. فلمّا أصبح طلب ولد الوزير، وصار به صرغتمش إلى بيت أبيه، وأحضر أمّه ليعاقبه وهي تنظره حتى يدلّوه على المال. ففتحوا له خزانة وجد فيها خمسة عشر ألف دينار وخمسين ألف درهم فضّة، وأخرج من بئر صندوق فيه ستة آلاف دينار وشيء من المصاغ (b)، وحضرت أحماله من السّفر، فوجد فيها ستة آلاف دينار ومائة وخمسون ألف درهم فضّة، وغير ذلك من تحف وثياب وأصناف.
وألزم والي مصر بإحضار بناته، فنودي عليهن في مصر والقاهرة، وهجمت عدّة دور بسببهن. ونال النّاس من نكاية أعدائهم في هذه الكائنة كلّ غرض، فإنّه كان الرجل يتوجّه إلى أحد من جهة صرغتمش، ويرمي عدوّه بأنّ عنده بعض حواشي ابن زنبور، فيؤخذ بمجرّد التّهمة. ولقي النّاس من ذلك بلاء عطيما.
ثم حمل إلى داره وعرّي ليضرب؛ فدلّ على مكان استخرج منه نحو من خمسة وستين ألف دينار، فضرب بعد ذلك، وعصرت (c) زوجته، وضرب ولده فوجد له شيء كثير إلى الغاية.
قال الصّفديّ خليل بن أبيك، الملقّب صلاح الدّين، في كتاب «أعيان العصر»: وأمّا ما أخذ منه في المصادرة في حال حياته، فنقلت من خطّ الشّيخ بدر الدّين الحمصي من (d) ورقة بخطّه، على ما أملاه القاضي شمس الدّين محمد البهنسي: