وكان القضاة حاضرين، فقال قاضي القضاة جلال الدّين القزويني: يا مولانا السّلطان هذا حرم قد أخبر اللّه عنه أنّ من دخله كان آمنا وشرّفه، فردّ عليه جوابا في غضب؛ فقال الأمير أيتمش: يا خوند، فإن حضر رميثة للطّاعة وسأل الأمان؟ فقال: أمّنه.
ثم لمّا سكن عنه الغضب، كتب باستقرار أهل مكّة وتأمينهم، وكتب أمانا نسخته:
«هذا أمان اللّه ﷾، وأمان رسوله ﷺ وأماننا للمجلس العالي الأسديّ رميثة بن الشّريف نجم الدّين محمّد بن أبي نميّ (a)، بأن يحضر إلى خدمة الصّنجق الشّريف، صحبة الجناب العالي السّيفي أيتمش النّاصري، آمنا على نفسه وأهله وماله وولده وما يتعلّق به، ولا يخشى حلول سطوة قاصمة، ولا يخاف مؤاخذة حاسمة، ولا يتوقّع خديعة ولا مكرا، ولا يحذر سوءا ولا ضررا، ولا يستشعر مخافة ولا ضرارا، ولا يتوقّع وجلا، ولا يرهب بأسا. وكيف يرهب من أحسن عملا؟
بل يحضر إلى خدمة الصّنجق آمنا على نفسه وماله وآله، مطمئنّا واثقا باللّه ورسوله، وبهذا الأمان الشّريف المؤكّد الأسباب، المبيّض الوجه، الكريم الأحساب. وكلّما يخطر بباله أنّا نؤاخذ به فهو مغفور، وللّه عاقبة الأمور. وله منّا الإقبال والتّقديم، وقد صفحنا الصّفح الجميل، وإن ربّك هو الخلاّق العليم.
فليثق بهذا الأمان الشّريف، ولا يسيء به الظّنون، ولا يصغى إلى قول الذين لا يعلمون، ولا يستشير في هذا الأمر إلاّ نفسه. فيومه عندنا ناسخ لأمسه، وقد قال ﷺ: يقول اللّه تعالى: «أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظنّ بي خيرا».
فتمسّك بعروة هذا الأمان فإنّها وثقى، واعمل عمل من لا يضل ولا يشقى. ونحن قد أمّناك فلا تخف، ورعينا لك الطّاعة والشّرف، وعفا اللّه