للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القصر أمير يقال له «سنان الدّولة بن الكركندي»، فإذا علم بفراغ الصّلاة أمر بضرب النّوبات من الطّبل والبوق وتوابعهما من عدّة وافرة بطريق مستحسنة مدّة (a) ساعة زمانية.

ثم يخرج بعد ذلك أستاذ برسم هذه الخدمة فيقول: «أمير المؤمنين يردّ على سنان الدّولة السّلام»، فيصقع ويغرس حربة على الباب، ثم يرفعها بيده، فإذا رفعها أغلق الباب، وسار إلى حواليّ القصر سبع دورات. فإذا انتهى ذلك جعل على الباب البيّاتين والفرّاشين المقدّم ذكرهم، وانضوى (b) المؤذّنون إلى خزانتهم هناك، وترمى (c) السّلسلة عند المضيق آخر بين القصرين من جانب السّيوفيين، فينقطع المارّ من ذلك المكان إلى أن تضرب النّوبة سحرا قريب الفجر، فتنصرف النّاس من هناك بارتفاع السّلسلة (١). انتهى.

وأخبرني المشيخة أنّه ما زال الرّسم إلى قريب: أنّه لا يمرّ بشارع بين القصرين حمل تبن ولا حمل حطب، ولا يستطيع أحد أن يسوق فرسا فيه، فإن ساق أحد أنكر عليه وخرق به.

وقال ابن سعيد في كتاب «المغرب»: والمكان الذي يعرف في القاهرة «بين القصرين» هو من التّرتيب السّلطاني، لأنّ هناك ساحة متّسعة للعسكر والمتفرّجين ما بين القصرين. ولو كانت القاهرة كلّها كذلك، كانت عظيمة القدر، كاملة الهمّة السّلطانية (٢).

وقال ياقوت: وبين القصرين كان ببغداد بباب الطّاق، يراد به قصر أسماء بنت المنصور وقصر عبد اللّه بن المهدي، وكان يقال لهما بين القصرين. وبين/ القصرين أيضا بمصر والقاهرة، وهما قصران متقابلان بينهما طريق العامّة والسّوق، عمّرهما ملوك مصر المتعلوية الذين ادّعوا أنّهم علويّة (٣).

وحدّثني القاضي (d) الرّئيس تقيّ الدّين عبد الوهّاب، ناظر الخواصّ الشّريفة، ابن الوزير الصّاحب فخر الدّين عبد اللّه بن أبي شاكر، أنّه كان يشتري في كلّ ليلة من بين القصرين بعد العشاء الآخرة - برسم الوزير الصّاحب فخر الدّين عبد اللّه بن خصيب - من الدّجاج المطجّن


(a) ساقطة من بولاق.
(b) بولاق: وأفضى.
(c) بولاق: رميت.
(d) بولاق: الفاضل.
(١) ابن الطوير: نزهة المقلتين ٢١٠ - ٢١١؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٧٥ - ٧٦، وفيما تقدم ٥١١: ٢؛ وقارن القلقشندي: صبح الأعشى ٥١٨: ٣ - ٥١٩، وانظر وصف حراسة القصر سنة ٤٤٠ عند ناصر خسرو: سفرنامه ٨٩.
(٢) ابن سعيد: النجوم الزاهرة ٢٤.
(٣) ياقوت الحموي: معجم البلدان ٥٣٤: ١.