للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا ساعي الشّوق الذي مذ جرى … جرت دموعي فهي أعوانه

خذ لي جوابا عن كتابي الذي … إلى الحسينيّة عنوانه

فهي كما قد قيل وادي الحمى … وأهلها في الحسن غزلانه

امش قليلا وانعطف يسرة … يلقاك درب طال بنيانه

واقصد بصدر الدّرب ذاك الذي … بحسنه تحسن جيرانه

سلّم وقلّ يخشى من أي من … أفش حديثا طال كتمانه

وسلّ لي الوصل فإن قال بقّ … فقل أوت قد طال هجرانه

وما برحوا يوصفون بالزّعارة والشّجاعة، وكان يقال لهم البدورة: فيقال البدر فلان، والبدر فلان، ويعانون لباس الفتوّة وحمل السّلاح، ويؤثر عنهم حكايات كثيرة وأخبار جمّة.

(١) وكانت الحسينيّة قد أربت في عمارتها على سائر أخطاط مصر والقاهرة، حتى لقد قال لي ثقة ممّن أدركت من المشيخة: إنّه يعرف الحسينيّة عامرة بالأسواق والدّور، وسائر شوارعها كاظّة بازدحام النّاس من الباعة والمارّة وأرباب المعايش، وأصحاب اللّهو والملعوب. فيما بين الرّيدانيّة - محطة المحمل يوم خروج الحاج من القاهرة - وإلى باب الفتوح، لا يستطيع الإنسان أن يمرّ في هذا الشّارع الطّويل العريض، طول هذه المسافة الكبيرة، إلاّ بمشقّة من الزّحام، كما كنّا نعرف شارع بين القصرين فيما أدركنا.

وما زال أمر الحسينيّة متماسكا إلى أن كانت الحوادث والمحن منذ سنة ستّ وثمان مائة وما بعدها، فخربت حاراتها، ونقضت مبانيها، وبيع ما فيها من الأخشاب وغيرها، وباد أهلها (٢).

ثم حدث بها، بعد سنة عشرين وثمان مائة، آفة (a) من آيات اللّه تعالى؛ وذلك أنّ في أعوام بضع وتسعين (b) وسبع مائة، بدأ بناحية مرج (c) الزّيّات - فيما بين المطريّة وسرياقوس - فساد الأرضة التي من شأنها العبث في الكتب والثّياب، فأكلت لشخص نحو ألف وخمس مائة قتّة دريس.


(a) بولاق: آية.
(b) بولاق: ستين.
(c) بولاق: بمرج. العيني: عقد الجمان - عصر سلاطين المماليك ٣٠٤: ٣ - ٣٠٧؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٦٠: ٨. وانظر أيضا تعليق نوريس Norris، H.T.، BSOASLX (١٩٩٧)، pp. ٣٥٦ - ٥٧.
(١) ابتداء من هنا وحتى صفحة ٦٨ نقله ريمون وفييت إلى الفرنسية في كتابيهما Raymond، A. & Wiet، G.، Les Marches du Caire، p. ٢٢٢.
(٢) المقريزي: مسودة المواعظ ٣٨٦ - ٣٨٨.