من جهة الجنوب، ومرّ إلى القصير وهي فرضة قوص، ومن القصير إلى عيذاب وهي فرضة البجة، ويمتدّ من عيذاب إلى بلد الزّيلع - وهو ساحل بلاد الحبشة - ويتّصل ببربرا.
وطول هذا البحر ألف وخمس مائة ميل، وعرضه من أربع مائة ميل إلى ما دونها. وهو بحر كريه المنظر والرّائحة.
وفي هذا البحر مصبّ دجلة والفرات، وعلى أطرافه بلاد السّند وبلاد اليمن كأنّها جزائر أحاط بها الماء من جهاتها الثلاث، وهو يردع نهر مهران كردع البحر الرّومي لنيل مصر.
وفيه - فيما بين مدينة القلزم ومدينة أيلة - مكان يعرف بمدينة فاران، وعندها جبل لا يكاد ينجو منه مركب لشدّة اختلاف الرّيح وقوّة ممرّها من بين شعبتي جبلين (١)، وهي بركة سعتها ستة أميال تعرف ببركة الغرندل، يقال إنّ فرعون غرق فيها. فإذا هبّت ريح الجنوب لا يمكن سلوك هذه البركة.
ويقال إنّ الغرندل اسم صنم كان في القديم هناك، قد وضع ليحبس من خرج من أرض مصر مغاضبا للملك أو فارّا منه، وإنّ موسى ﵇ لمّا خرج ببني إسرائيل من مصر وصار بهم مشرّقا، أمره اللّه سبحانه أن ينزل تجاه هذا الصّنم، فلمّا بلغ ذلك فرعون ظنّ أنّ الصّنم قد حبس موسى ومن معه ومنعهم من المسير، كما يعهدونه منه، فخرج بجنوده في طلب موسى وقومه ليأخذهم بزعمه، فكان من غرقه ما قصّه اللّه سبحانه.
وسيرد خبر موسى ﵇ عند ذكر كنيسة دموه من هذا الكتاب في ذكر كنائس اليهود (٢).
وفي بحر القلزم هذا خمس عشرة جزيرة. منها أربع عامرات، وهي: جزيرة دهلك، وجزيرة سواكن، وجزيرة النّعمان، وجزيرة السّامري.
ويخرج من هذا البحر خليجان: خليج لطيف ببلاد الهند المتّصلة بالبحر الأعظم، وخليج يحول بين بلاد السّودان وبلاد اليمن عرض زقاقه نحو من فرسخين.
ويقرب هذا البحر من البحر الرّومي في أعالي بلاد الشّام وديار مصر حتى يكون بينهما نحو يوم.