للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووردت الأخبار بقدوم الحسن بن أحمد القرمطي إلى دمشق، فطلب جوهر الصّلح على أن يرحل عن دمشق من غير أن يتبعه أحد. وذلك أنّه رأى أمواله قد قلّت، وهلك كثير ممّا كان فى عسكره حتى صار أكثر عسكره رجّالة وأعوزهم العلف، وخشي قدوم القرامطة. فأجابه أفتكين وقد عظم فرحه واشتدّ سروره. فرحل في ثالث جمادى الأولى، وجدّ في المسير وقد قرب القرمطي (a) فأناخ بطبريّة.

فبلغ ذلك القرمطي/، فقصده وقد سار عنها إلى الرّملة، فبعث إليه بسريّة كانت لها مع جوهر وقعة قتل فيها جماعة من العرب، وأدركه القرمطيّ وسار في أثره أفتكين. فمات الحسن ابن أحمد القرمطي بالرّملة، وقام من بعده بأمر القرامطة ابن عمّه جعفر، ففسد ما بينه وبين أفتكين، ورجع عن الرّملة إلى الأحساء، وناصب أفتكين القتال وألحّ فيه على جوهر حتى انهزم عنه وسار إلى عسقلان، وقد غنم أفتكين ممّا كان معه شيئا يجلّ عن الوصف، ونزل على البلد محاصرا لها. وبلغ ذلك العزيز فاستعدّ للمسير إلى بلاد الشّام.

فلمّا طال الأمر على جوهر، راسل أفتكين حتى يقرّر الصّلح على مال يحمله إليه، وأن يخرج من تحت سيف أفتكين، فعلّق سيفه على باب عسقلان، وخرج جوهر ومن معه من تحته، وساروا إلى القاهرة، فوجد العزيز قد برز يريد المسير فسار معه. وكان مدّة قتال أفتكين لجوهر على ظاهر الرّملة وفي عسقلان سبعة عشر شهرا.

وسار العزيز باللّه حتى نزل الرّملة، وكان أفتكين بطبريّة، فسار إلى لقاء العزيز ومعه أبو إسحاق وأبو طاهر أخو عزّ الدّولة بن بختيار بن أحمد بن بويه، وأبو كاليجار (b) مرزبان ابن عزّ الدّولة بختيار بن معزّ (c) الدّولة بن بويه، فحاربوه فلم يكن غير ساعة حتى هزمت عساكر العزيز عسكر أفتكين، وملكوه في يوم الخميس لسبع بقين من المحرّم سنة ثمان وستين وثلاث مائة.

واستأمن أبو إسحاق ومرزبان بن بختيار، وقتل أبو طاهر أخو عزّ الدولة بن بختيار، وأخذ أكثر أصحابه أسرى، وطلب أفتكين في القتلى فلم يوجد، وكان قد فرّ وقت الهزيمة على فرس بمفرده، فأخذه بعض العرب أسيرا وقدم (d) به على مفرّج بن دغفل بن الجرّاح الطّائي وعمامته في عنقه، فبعث به إلى العزيز، فأمر به فشهر في العسكر، وطيف به على


(a) بولاق: القرامطة.
(b) بولاق: أبو اللحاد.
(c) بولاق: عز.
(d) بولاق: فقدم.