وحكى المعنيّون (a) بأخبارها وتواريخها: أنّ حدّها في الطول من مدينة برقة التي في جنوب البحر الرّومي، إلى أيلة من ساحل الخليج الخارج من بحر الحبشة والزّنج والهند والصّين، ومسافة ذلك قريب من أربعين يوما. وحدّها في العرض من مدينة أسوان وما سامتها من الصّعيد الأعلى المتاخم لأرض النّوبة إلى رشيد وما حاذاها من مساقط النّيل في البحر الرّومي، ومسافة ذلك قريب من ثلاثين يوما (١).
ويكتنفها في العرض إلى منتهاها جبلان: أحدهما في الضّفّة الشّرقيّة من النّيل وهو المقطّم، والآخر في الضّفّة الغربيّة منه، والنّيل متسرّب فيما بينهما. وهما جبلان أجردان غير شامخين، يتقاربان جدّا في وضعهما من لدن أسوان إلى أن ينتهيا إلى الفسطاط، ثم يتّسع ما بينهما وينفرج قليلا، ويأخذ المقطّم منهما مشرقا والآخر مغربا، على وراب في مأخذيهما وتعريج في مسلكيهما، فتتّسع أرض مصر من الفسطاط إلى ساحل البحر الرّومي الذي عليه الفرما وتنّيس ودمياط ورشيد والإسكندرية، فهناك تنقطع في عرضها الذي هو مسافة ما بين أوغلها في الجنوب وأوغلها في [الغرب و] (b) الشّمال.
وإذا نظرنا بالطّريق البرهانية في مقدار/ هذه المسافة من الأميال، لم تبلغ ثلاثين ميلا بل تنقص
(a) بولاق: المعتنون. (b) زيادة من الرسالة المصرية. سنة ٥٢٩ هـ/ ١١٣٥ م، عالم أندلسي زار مصر وأقام بها في الفترة بين سنتي ٤٨٩ هـ/ ١٠٩٦ م و ٥٠٦ هـ/ ١١١٢ م وسجّل ملاحظاته وما شاهده فيها في رسالة سمّاها «الرّسالة المصرية»، وأشار فيها إلى أنه لم يجد من علماء مصر في الطب من يستفيد منه أو يستزيد بمذاكرته، وأن أكثر أطبائها المبرزين هم النّصارى واليهود. كما ذكر أن المصريين هم أكثر الناس استعمالا لأحكام النجوم وتصديقا لها وتعويلا عليها. وذكر في نهايتها بعض من لقيه من أدبائها وظرفائها وفضلائها وعلمائها وشعرائها، وبعضهم غير مذكور في كتب التراجم. ونقل عن «الرسالة المصرية»، إضافة إلى المقريزي، ياقوت الحموي والعماد الأصفهاني الكاتب (ياقوت: معجم الأدباء ٥٢: ٧ - ٧٠؛ ابن خلكان: وفيات الأعيان ٢٤٣: ١ - ٢٤٧؛ العماد الكاتب: خريدة القصر (قسم المغرب) ١٨٩: ١ - ٢٧٠، ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء ٥٢: ٢ - ٦٢؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٤٠٢: ٩ - ٤٠٦؛ محمد كامل حسين: في أدب مصر الفاطمية ١٧٩ - ١٨٧؛ Brockelmann، C.، GALI، ٦٤١; SI ٨٨٩; Millos،. (J.M.، El ٢ art.Abu? l-Salt I، p. ١٥٣ ونشر «الرسالة المصرية» عبد السلام هارون أولا في مجلة الكتاب المصرية سنة ١٩٤٧ - ١٩٤٨ م ثم في المجموعة الأولى من «نوادر المخطوطات»، القاهرة ١٩٥١، ٣ - ٥٦. (١) أمية بن عبد العزيز: الرسالة المصرية ١٥؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٦: ١؛ ابن إياس: بدائع الزهور ١٢: ١/ ١.