للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متساوية. فالمستقبل للجنوب يكون أبدا مستدبرا للشّمال، ويصير المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره.

وهذه الجهات الأربع هي التي ينسب إليها ما يحدّ من البلاد والأراضي والدور؛ إلاّ أنّ أهل مصر يستعملون في تحديدهم بدلا من الجهة الجنوبية لفظة القبليّة، فيقولون الحدّ القبلي ينتهي إلى كذا ولا يقولون الحدّ الجنوبي، وكذلك يقولون الحدّ البحريّ ينتهي إلى كذا، ويريدون بالبحري الحدّ الشّمالي (١).

وقد يقع في هاتين الجهتين الغلط في بعض البلاد؛ وذلك أنّ البلاد التي توافق عروضها عرض مكّة، إذا كانت أطوالها أقلّ من طول مكّة، فإنّ القبلة فيها تكون (a) نفس المشرق، بخلاف البلاد (b) التي توافق عروضها عرض مكّة إلاّ أنّ أطوالها أكثر (c) من طول مكّة، فإنّ القبلة في هذه البلاد تكون نفس المغرب. فمن حدّد في شيء من هذه البلاد أرضا أو مسكنا بحدود أربعة، فإنّه يصير منها حدّان (d) حدّا واحدا. وكذلك جهة البحر لمّا جعلوها قبالة جهة القبلة، وحدّدوا ما بينهما من الأراضي والدّور بما يسامتها منه، فإنّهم أيضا ربّما غلطوا، وذلك أنّ القبلة والبحر يكونان في بعض البلاد في جهة واحدة.

فإذا عرفت ذلك، فاعلم أنّ أرض مصر لها حدّ يأخذ من بحر الرّوم من الإسكندرية - ويزعم قوم من برقة في البرّ - حتى ينتهي إلى ظهر الواحات، ويمتدّ إلى بلد النّوبة، ثم يعطف على حدود النّوبة في حدّ أسوان - على حدّ أرض البجّة (e) في قبلي أسوان - حتى ينتهي إلى بحر القلزم، ثم يمتدّ على بحر القلزم، ويجاوز القلزم إلى طور سيناء، ويعطف على تيه بني إسرائيل مارّا إلى بحر الرّوم في الجفار خلف العريش ورفح (f)، ويرجع إلى السّاحل مارّا على بحر الرّوم إلى الإسكندرية، ويتّصل بالحدّ الذي قدّمت ذكره من نواحي برقة.

وقال أبو الصّلت أميّة بن عبد العزيز الأندلسي (g) (٢)، في «رسالته المصرية»: أرض مصر بأسرها واقعة في المعمورة في قسم (h) الإقليم الثاني والإقليم الثالث، ومعظمها في الثالث.


(a) بولاق: فإن القبلة تكون في هذه البلاد.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) بولاق: أطول.
(d) بولاق: حدان منها.
(e) بولاق: السبخة.
(f) بولاق: رمح.
(g) ساقطة من بولاق.
(h) بولاق: قسمي.
(١) انظر أيضا فيما يلي ٣٤٣: ١.
(٢) أبو الصّلت أميّة بن عبد العزيز الأندلسي المتوفى نحو