وكان (a) من خبر قتل برجوان أنّه لمّا دخل إلى القصر، كان الحاكم في بستان يعرف بدويرة التّين والعنّاب ومعه ريدان (b)، فوافاه برجوان بها وهو قائم فسلّم ووقف، فسار الحاكم إلى أن خرج من باب الدّويرة، فوثب ريدان (b) على برجوان وضربه بسكين كانت معه في خفه (c)، وابتدره قوم كانوا قد أعدّوا للفتك به، فأثخنوا جراحه (d) بالخناجر، واحتزّوا رأسه ودفنوه هناك. ثم إنّ الحاكم أحضر إليه الرّئيس فهدا بعد عشاء الآخرة، وقال له: أنت كاتبي، وطمّنه وأمّنه (e) (١).
فكانت مدّة نظر برجوان في الوساطة سنتين وثمانية أشهر تنقص يوما واحدا.
ووجد الحاكم في تركته مائة منديل - يعني عمامة - كلها شروب ملوّنة معمّمة على مائة شاشيّة، وألف سراويل دبيقية بألف تكّة حرير أرمنيّ، ومن الثّياب المخيطة والصّحاح والحليّ والمصاغ والطّيب والفرش والصّياغات الذّهب والفضّة ما لا يحصى كثرة، ومن العين ثلاثة وثلاثين ألف دينار، ومن الخيل لركابه (f) مائة وخمسين فرسا وخمسين بغلة، ومن بغال النّقل ودواب الغلمان نحو ثلاث مائة رأس، ومائة وخمسين سرجا منها عشرون ذهبا، ومن الكتب شيء كثير (٢). وحمل لجاريته من مصر إلى القاهرة رحل على ثمانين حمارا.
قال ابن خلّكان: وبرجوان بفتح الباء الموحّدة وسكون الرّاء وفتح الجيم والواو وبعد الألف نون (٣)؛ هكذا وجدته مقيّدّا بخطّ بعض الفضلاء.
وقال ابن عبد الظّاهر: ويسمّى الوزع، سمّاه به الحاكم (٤).
(a) بولاق: فكان. (b) بولاق: زيدان. (c) بولاق: عنقه. (d) بولاق: فأثحنوه جراحة. (e) بولاق: وأمنه وطمنه. (f) بولاق: الركابية. (١) المقريزي: اتعاظ الحنفا ٢٥: ٢ - ٣٠. (٢) المقريزي: مسودة المواعظ ٣٦١ - ٣٦٣، اتعاظ الحنفا ٢٥: ٢ - ٣٠. (٣) ابن خلكان: وفيات الأعيان ٢٧١: ١. (٤) ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٦٣؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٣٦٠. ولم يحدّد المقريزي مكان حارة برجوان وقصر حديثه فقط على برجوان الذي تنسب إليه الحارة، علما بأنّها مسقط رأسه وبها داره (فيما تقدّم ٣٧: ١ - ٣٩). وإن كان أشار (فيما تقدم ٢١٩: ٢) إلى أنّها كانت تشتمل على المواضع الثلاثة المعروفة ب: دار برجوان العزيزي ورحبة الأفيال ودار الضّيافة القديمة. ويدلّ على موضع هذه الحارة اليوم المنطقة الواقعة تجاه الجامع الأقمر والتي يحدّها شمالا جامع سليمان أغا السّلحدار، ويتوسّطها اليوم شارع برجوان وعطفة برجوان وما يتفرّع منهما من العطف والأزقّة. (راجع، ابن عبد الظاهر: الروضة البهية ٦٣ - ٦٥؛ ابن أبيك: كنز الدرر ١٤٢: ٦؛ القلقشندي: صبح الأعشى ٣٥٢: ٣؛ -