للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وهذا آخر الجزء الثّالث من كتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار تأليف الشّيخ الإمام العالم العلاّمة تقي الدّين المقريزي تغمّده اللّه برحمته آمين.

ويتلوه إن شاء اللّه تعالى الجزء الرّابع من الكتاب المذكور أوّله ذكر المساجد والجوامع، ونسأل اللّه الإعانة بمنّه وكرمه وحسبنا اللّه ونعم الوكيل».

ولم يصل إلينا من هذه النّسخة سوى قسم من الجزء الثّالث فقط، ولا يوجد بها تاريخ نسخ أو اسم النّاسخ، ولكنّ ناسخها كتبها في فترة سلطنة السّلطان الأشرف قايتباي (٨٧٢ - ٩٠١ هـ/ ١٤٦٧ - ١٤٩٦ م) كما سأبيّن بعد قليل.

ويوجد على هامش هذه النّسخة جميع الحواشي الموجودة على هامش النّسخ المنقولة من خطّ المؤلّف، ممّا يدلّ على أنّها هي الأخرى نقلت من خطّ المؤلّف. ويوجد أيضا على هامشها حواش إضافية ذات أهميّة كبيرة حدّث بها النّاسخ معطيات المقريزي حول وضع الكثير من المنشآت التي تغيّر وضعها في زمن النّاسخ وهو معاصر لفترة سلطنة الأشرف قايتباي.

والنّاسخ أيضا مؤرّخ، فبعد أن انتهى من كتابة آخر ما ذكره المقريزي في المجلّد الثّالث، وهو تولّي السّلطان الملك الأشرف سيف الدّين برسباي في سنة ٨٢٥ هـ/ ١٤٢٢ م (فيما يلي ٧٨٨)، كتب: «تتمّة لكاتبه ماشيا في ذلك على شرط الكتاب من الاختصار». وأخذ في سرد بقيّة أيّام الأشرف برسباي ومن خلفه من سلاطين المماليك الشّراكسة (البرجيّة) حتى تولّي السّلطان الأشرف قايتباي للسّلطنة في رجب سنة ٨٧٢ هـ/ ١٤٦٨ م.

وفي بداية الأمر ظننت أنّ هذه النّسخة نسخة محمد بن إياس الحنفي مؤرّخ الفتح العثماني لمصر، وأنّه كتبها في الفترة التي كتب فيها الأجزاء الأولى من كتابه «بدائع الزّهور» والتي أتمّها سنة ٩٠١ هـ/ ١٤٩٦ م (نسخة مكتبة الفاتح بإستانبول رقم ٤٢٠٠، وهي نسخة بخط ابن إياس فرغ من كتابتها يوم الاثنين ثاني شهر شوّال سنة إحدى وتسع مائة) (١) ولكني وجدت بينهما اختلافا كبيرا في الخطّ. فبدأت أبحث عن المؤرّخين الذين عاصروا السّلطان قايتباي مثل علي بن داود الصّيرفي وعبد الباسط بن خليل بن شاهين الظّاهري، فلم أجد اتّفاقا بين ما كتبوه من تراجم لسلاطين المماليك وما ورد في التّتمّة الموجودة في آخر هذه النّسخة والتي يحيل فيها كاتبها القارئ


(١) انظر أنموذج خط ابن إياس عند أيمن فؤاد سيد: الكتاب العربي المخطوط، لوحة ١٠١.