للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدعي بالوزير بجميع نعوته، فواصل تقبيل الأرض إلى أن قبّل ركابه، وشرّفه بتقبيل يده بحكم خلوّها من قضيب الملك في هذا الموسم (a).

ولمّا أدّى ما يجب من فرض السّلام، أخذ السّيف من الأمير افتخار الدّولة - أحد الأمراء الأستاذين المميّزين المحنّكين - متولّي خزانة الكسوة الخاصّ، وسلّمه بعد أن قبّله لأخيه الذي يتولّى حمله في الموكب بعد أن أرخيت عذبته تشريفا له مدّة حمله خاصّة وترفع بعد ذلك، وشدّ وسطه بالمنطقة الذّهب تأدّبا وتعظيما لما معه، وسلّم الرّمح والدّرقة لمن يتولّى حملها بلواء الموكب. ولم يكن للخدمة المذكورة عذبة مرخاة ولا منطقة. واستدعى ركوب الوزير وأولاده من عند باب قاعة الذّهب.

وخرج الخليفة من القاعة المذكورة إلى أوّل دهليز، فتلقّته جماعة صبيان ركابه العشرة المقدّمين أرباب الميمنة والميسرة، وصبيان وراء صبيان الرّسائل، وصبيان السّلام، كلّ منهم في الخدمة المعيّنة لا يخرج عنها لسواها، وجميعهم بالمناديل الشّروب المعلّمة، وبأوساطهم العراضي الدّبيقي المقصورة، وليس الجميع عبيدا بشراء ولا سودان، بل مولّدة وأولاد أعيان وأهل فهم ولسان.

ثم احتاط بركابه بعدهم من هو على غير زيّهم، بل بالقنادير (b) المفرّجة والمناديل السّوسي، وهم المتولّون لحمل السّلاح الخاصّ - الذي لا يكون إلاّ في موكبه خاصّة على الاستمرار - من الصّواري والفريجيّات والدّبابيس واللّتوت والصّماصم بالدّرق الصّيني واليمنى بالكوابج (c) الفضّة والذّهب.

ويحصل الاستدعاء من صبيان السّلام في مسافة الدّهاليز، لكلّ من هو مستخدم في الموكب ركوبه من محلّ حجبته إلى أن خرج الخليفة من باب الذّهب، وقد ضربت الغريبة (١) وأبواق السّلام، واجتمع الرّهج من كلّ مكان، ونشرت المظلّة، فاجتمع إليها الزّويليّة بالعدد الغريبة، وظلّل بها عليه وسارت بسيره، والقرآن الكريم عن يمينه ويساره، والحجريّة الصّبيان المنشدون.

واجتمع الموكب بجملته على ما ذكر أوّلا، والترتيب أمامه لمتولّى الباب وحجّابه وتلوه لمتولّى السّتر، وكلّ منهم على حكم المدارج التي وصلت إليه، لا سبيل إلى الخروج عمّا رسم فيها.


(a) بولاق: هذه المواسم.
(b) بولاق: القنابيز.
(c) بولاق: بالكوامخ.
(١) الغريبة. بوق لطيف من ذهب معوج الرأس متّخذ من الذهب صوته مخالف لصوت الأبواق. (فيما تقدم ٣٠٤).