للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من يفطر، وينقل منه من ينقل، ويباح ولا يحجر عليه، ولا مانع دونه. فيمرّ ذلك بأيدي النّاس، وليس هو ممّا يعتدّ به ولا يغني عمّا (a) يفرّق للنّاس ويحمل إلى دورهم. ويعمل في هذا اليوم سماط من الطّعام في القاعة - يعني قاعة الذّهب (b) يحضر عليه الخليفة والوزير.

فإذا انقضى ذو القعدة، وهلّ هلال ذي الحجّة، اهتمّ بركوب عيد النّحر فيجري حاله كما جرى في عيد الفطر من الزّيّ والرّكوب إلى المصلّى، ويكون لباس الخليفة فيه الأحمر الموشّح، ولا ينخرم منه شيء (١). انتهى.

وصعد مرّة الخليفة الحافظ لدين اللّه أبو الميمون عبد المجيد المنبر يوم عيد، فوقف الشّريف بن أنس الدّولة بإزائه، وقال مشيرا إلى الحاضرين:

[الطويل]

خشوعا فإنّ اللّه هذا مقامه … وهمسا فهذا وجهه وكلامه

وهذا الذي في كلّ وقت بروزه … تحيّاته من ربّنا وسلامه

فضرب الحافظ الجانب الأيسر من المنبر، فرقى إليه زمام القصر، فقال له: قلّ للشّريف حسبك قضيت حاجتك، ولم يدعه يقول شيئا آخر.

وكانت تكتب المخلّقات (٢) بركوب أمير المؤمنين لصلاة العيد، ويبعث بها إلى الأعمال. فممّا كتب به من إنشاء ابن الصّيرفي:

«أما بعد، فالحمد للّه الذي رفع بأمير المؤمنين عماد الإيمان وثبّت قواعده، وأعزّ بخلافته معتقده وأذلّ بمهابته معانده، وأظهر من نوره ما انبسط في الآفاق وزال معه الإظلام، ونسخ به ما تقدّمه من الملل فقال:

﴿إِنَّ اَلدِّينَ عِنْدَ اَللّهِ اَلْإِسْلامُ﴾ [الآية ١٩ سورة آل عمران]، وجعل المعتصم بحبله مفضّلا على من يفاخره ويباهيه، وأوجب دخول الجنّة وخلودها لمن عمل بأوامره ونواهيه.


(a) بولاق: ولا يعب مما.
(b) زيادة من المسودة.
(١) ابن الطوير: نزهة المقلتين ١٧٦ - ١٨٣؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٢٠٨ - ٢١٣.
(٢) عن المخلّقات انظر فيما تقدم ٤٣٦.