للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلمّا قام شاهنشاه ابن أمير الجيوش من بعد أبيه، ومات الخليفة المستنصر، وأجلس ابن بدر في الخلافة أحمد بن المستنصر ولقّبه ب «المستعلي»، صار يقال له: «الأفضل»، ومن بعده صار من يتولّى هذه الرّتبة يتلقّب به أيضا (١).

وأوّل من نعت (a) ب «الملك» منهم مضافا إلى بقيّة الألقاب رضوان بن ولخشي عند ما وزر للحافظ لدين اللّه، فقيل له: «السّيّد الأجلّ الملك الأفضل»، وذلك في سنة ثلاثين وخمس مائة (٢). وفعل ذلك من بعده، فتلقّب طلائع بن زرّيك ب «الملك الصّالح» (b)، وتلقّب ابنه رزّيك ابن طلائع ب «الملك العادل»، وتلقّب شاور ب «الملك المنصور»، وتلقّب آخرهم صلاح الدّين يوسف بن أيّوب ب «الملك النّاصر». وصار وزير السّيف من عهد أمير الجيوش بدر إلى آخر الدّولة هو «سلطان مصر، وصاحب الحلّ والعقد، وإليه الحكم في الكافّة من الأمراء والأجناد والقضاة والكتّاب وسائر الرّعيّة، وهو الذي يولّي أرباب المناصب الدّيوانية والدينية».

وصار حال الخليفة معه كما هو حال ملوك مصر من الأتراك إذا كان السّلطان صغيرا والقائم بأمره من الأمراء، وهو الذي يتولّى تدبير الأمور كما كان الأمير يلبغا الخاصّكيّ مع الأشرف شعبان، وكما أدركنا الأمير برقوق.


(a) بولاق: لقب.
(b) بولاق: المنصور. ٢٣٥: ٢٨. وأضفى بدر الجمالي شهرة على هذا اللقب حتى إنه حلّ محلّ اسمه الشخصي للتدليل عليه؛ فرغم أن خلفاءه تلقّبوا كذلك بلقب «أمير الجيوش» - بما أنّهم كانوا «وزراء سيوف» أي قادة للجيش في نفس الوقت - فإنّ بدرا احتفظ وحده لدى المؤرخين بميزة أنهم كانوا يكتفون فقط لتعريفه بذكر لقبه «أمير الجيوش». (أيمن فؤاد: الدولة الفاطمية في مصر ٣٢٢).
(١) استقرّ ترتيب ألقاب وزراء السيوف الفاطميين ابتداء من بدر الجمالي وحتى ظهور لقب «الملك» بين ألقاب الوزير كالآتي: «السّيّد الأجلّ [النعت الشخصي للوزير الذي أصبح ابتداء من الصّالح طلائع لقب «ملك»]، أمير الجيوش، سيف الإسلام، ناصر الإمام، كافل قضاة المسلمين وهادي دعاة المؤمنين، (ثم اسم وكنية ولقب الوزير الشخصي)». (أيمن فؤاد: المرجع السابق ٣٢٢).
(٢) هذه المعلومة غير دقيقة ومصدرها ابن الأثير: الكامل ٤٨: ١١، وكرّرها المقريزي في اتعاظ الحنفا ١٦١: ٣. ولكن ما ذكره المقريزي يناقض نصّا آخر له في اتعاظ الحنفا ٢١٨: ٣ حيث يذكر في ترجمة الوزير طلائع بن رزّيك أنه نعت في سجل توليته ب «الملك الصّالح» وأنه «لم يلقّب أحد من الوزراء قبله بالملك وذلك في يوم الخميس ٤ ربيع الآخر سنة ٥٤٩ هـ»، وأضاف بعد قليل (٢٥١: ٣): «وهو أوّل من خوطب بالملك في ديار مصر ونعت به». يؤكّد ذلك ما ورد عند ابن ميسر (أخبار ١٢٦) وسجلّ تقليد رضوان الوزارة الذي لم يرد فيه لفظ الملك. (القلقشندي: صبح ٣٤٢: ٨ - ٣٤٦).