للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا أنشأ الأمير جهاركس الخليليّ خانه المعروف به بالخطّ المذكور، أخرج ما شاء اللّه من عظامهم، فألقيت في المزابل على كيمان البرقيّة. ويمتدّ من هناك من حيث المدرسة البديريّة، خلف المدارس الصّالحيّة النّجميّة، وبها إلى اليوم بقايا من قبورهم (١).

وكان لهذه التّربة عوائد ورسوم: منها أنّ الخليفة كلّما ركب بمظلّة وعاد إلى القصر، لا بد أن يدخل إلى زيارة آبائه بهذه التّربة، وكذلك لا بد أن يدخل في يوم الجمعة دائما، وفي عيدي الفطر والأضحى، مع صدقات ورسوم تعرف (a) (٢).

(b) قال المسبّحيّ في حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة: وفي نصف شوّال توفّيت السّيّدة العزيزية أمّ ولد أمير المؤمنين العزيز باللّه وزوجته، بالمخيّم في منى جعفر، فحملت إلى القصر وصلّى عليها العزيز باللّه ودفنها في تربة القصر وستر قبرها بالمثقل والجوهر؛ وكفّنت بما مبلغه عشرة آلاف دينار، وأخذت الغاسلة ما كان تحتها من فرش وما كان عليها من الثّياب وكان ذلك بمبلغ ستة آلاف دينار. ورثاها جماعة من الشّعراء، فأطلقت لهم جوائز خمس مائة دينار. ورجع العزيز إلى المضارب، وأقامت ابنتها المناحة على قبرها والقوّاد والغلمان والخدّام بالثّياب المسخّمة وعلى رءوسهم كرازي الصّوف، وأيديهم مشبّكة على رؤسهم يصيحون: وا ستّنا! وهم حفاة، فإذا توسّطوا الطّريق حفنوا حفنات من تراب وحثوها على رءوسهم ودخلوا، وأقاموا كذلك شهرا كاملا والعزيز باللّه يواصل زيارتها في كلّ يوم والنّاس يطعم، ويفرّق الأطعمة على سائر النّاس مع الحلوى، وفرّق على الشّعراء بعد ذلك ألفي دينار (b) (٣).

قال ابن المأمون: وفي هذا الشهر - يعني شوّالا سنة ستّ عشرة وخمس مائة - تنبّه ذكر الطّائفة النّزاريّة، وتقرّر بين يدي الخليفة الآمر بأحكام اللّه أن يسير رسول إلى صاحب ألموت، بعد أن جمعوا الفقهاء من الإسماعيليّة والإماميّة، وقال لهم الوزير المأمون البطائحي: ما لكم من الحجّة في الرّدّ على هؤلاء الخارجين على الإسماعيليّة؟ فقال كلّ منهم: لم يكن لنزار إمامة، ومن اعتقد هذا فقد خرج عن المذهب وضلّ، ووجب قتله. وذكروا حجّتهم، فكتب الكتاب.


(a) بولاق: تفرق.
(b) (b-b) ساقطة من بولاق ومضافة من النسخ المنقولة من خط المقريزي.
(١) فيما يلي ٣٥: ٢، ٩٤.
(٢) فيما يلي ٤٦٢ س ٨، ٤٨٧ س ٣، حيث يذكر ابن المأمون توجّه الخليفة إلى تربة آبائه للترحّم بعد انقضاء ركوب أوّل العام.
(٣) المسبحي: نصوص ضائعة ١٥.