ويسفّر من القاهرة إلى الشّام ما يكون من أنواع الكمرانات (١)، وخرائط الجلد والسّيور وما أشبه ذلك.
وهي الآن عظيمة آهلة يجيء إليها من الشّرق والغرب والجنوب والشّمال، ما لا يحيط بجملته وتفصيله إلاّ خالق الكلّ جلّ وعلا (a) (٢).
وهي مستحسنة للفقير الذي لا يخاف على طلب زكاة ولا ترسيما وعذابا، ولا يطلب برفيق له إذا مات، فيقال له: ترك عندك مالا. فربّما سجن في شأنه، أو ضرب وعصر.
والفقير المجرّد فيها مستريح من جهة رخص الخبر وكثرته، ووجود السّماعات والفرج في ظواهرها ودواخلها، وقلّة الاعتراض عليه فيما تذهب إليه نفسه/ يحكم فيها كيف شاء من رقص في وسط (b) السّوق، أو تجريد، أو سكر من حشيشة أو غيرها، أو صحبة المردان وما أشبه ذلك، بخلاف غيرها من بلاد المغرب (٣).
وسائر (c) الفقراء لا يعترضون بالقبض للأسطول، إلاّ المغاربة فذلك وقف عليهم لمعرفتهم بمعاناة البحر، فقد عمّ ذلك من يعرف معاناة البحر منهم ومن لا يعرف، وهم في القدوم عليها بين حالين: إن كان المغربيّ غنيّا طولب بالزّكاة وضيّقت عليه أنفاسه حتى يفرّ منها؛ وإن كان مجرّدا فقيرا حمل إلى السّجن حتى يجيء وقت الأسطول.
وفي القاهرة أزاهير كثيرة غير منقطعة الاتّصال، وهذا الشأن في الدّيار المصرية تفضل به كثيرا من البلاد. وفي اجتماع النّرجس والورد فيها أقول:
[السريع]
من فضّل النّرجس وهو الذي … يرضى بحكم الورد إذ يرأس
أما ترى الورد غدا قاعدا … وقام في خدمته النّرجس
وأكثر ما فيها من الثّمرات والفواكه الرّمّان والموز والتفّاح، وأمّا الإجّاص فقليل غال، وكذلك الخوخ، وفيها الورد والنّرجس والنّسرين واللّينوفر والبنفسج والياسمين واللّيمون الأخضر والأصفر. وأمّا العنب والتّين فقليل غال، ولكثرة ما يعصرون العنب في أرياف النّيل لا يصل منه
(a) آياصوفيا: سبحانه. (b) ساقطة من بولاق. (c) مسودة المواعظ: ومعظم. (١) الكمرانات. نوع من الأحزمة. (٢) ابن سعيد: النجوم الزاهرة ٢٩؛ المقريزي: مسودة المواعظ ٢٧. (٣) نفسه ٢٩ - ٣٠؛ نفسه ٢٧ - ٢٨.