للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتعتع القلوب حتى دفن. وكانت مدّته اثنتى عشرة سنة وثمانية عشر يوما (١).

ثم ولي أبو العساكر جيش بن خمارويه بن أحمد بن طولون، لليلة بقيت من ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين ومائتين، بدمشق. فسار إلى مصر، واشتمل على أمور أنكرت عليه، فاستوحش من عظماء الجند وتنكّر لهم، فخافوه ودأبوا في الفساد. فخرج متنزّها إلى منية الأصبغ، ففرّ جماعة من عظماء الدّولة إلى المعتضد، وخلعه أحمد بن طغان وكان على الثّغر، وخلعه طغج بن جفّ بدمشق، فوثب جيش على عمّه مضر (a) بن أحمد بن طولون فقتله، فوثب عليه الجيش وخلعوه، وجمعوا الفقهاء والقضاة، فتبرّأ من بيعته وحلّلهم منها.

وكان خلعه لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين، فولي ستة أشهر واثني عشر يوما، ومات في السّجن بعد أيّام (٢).

ثم ولي أبو موسى هارون بن خمارويه يوم خلع جيش، فقام طائفة من الجند، وكاتبوا ربيعة ابن أحمد بن طولون وكان بالإسكندرية ودعوه ووعدوه بالقيام معه. فجمع جمعا كثيرا من أهل البحيرة ومن البربر وغيرهم، وسار حتى نزل ظاهر فسطاط مصر، فخذله القوم وخرج إليه القوّاد، فقاتلوه وأسروه لإحدى عشرة ليلة خلت من شعبان سنة أربع وثمانين، وضرب ألف سوط ومائتي سوط، فمات (٣).

ومات المعتضد في ربيع الآخر سنة تسع وثمانين، وبويع ابنه محمد المكتفي باللّه، وخرج القرمطيّ بالشّام في سنة تسعين، فخرج القوّاد من مصر وحاربوه فهزمهم (٤).

وبعث المكتفي محمد بن سليمان الكاتب فنزل حمص، وبعث بالمراكب من الثّغر إلى سواحل مصر، وأقبل إلى فلسطين. فخرج هارون يوم التّروية سنة إحدى وتسعين، وسيّر المراكب الحربية، فالتقوا بمراكب محمد بن سليمان في تنّيس فغلبوا، وملك أصحاب محمد بن سليمان تنّيس ودمياط. فسار هارون إلى العبّاسة، ومعه أهله وأعماله في ضيق


(a) الكندي: نصر.
(١) الكندي: ولاة مصر ٢٦٤.
(٢) نفسه ٢٦٥ - ٢٦٦؛ وانظر كذلك ابن سعيد: المغرب (قسم مصر) ١٤٣ - ١٤٤؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٢٢٩: ١١ - ٢٣٠؛ المقريزي: المقفى الكبير ١١٦: ٣ - ١١٧؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٨٨: ٣ - ٩٨.
(٣) نفسه ٢٦٦.
(٤) نفسه ٢٦٧.