وكان ظالما غاشما، سمعه اللّيث بن سعد يقرأ في خطبته ﴿إِنّا أَعْتَدْنا لِلظّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها﴾ [الآية ٢٩ سورة الكهف]، فقال اللّيث: اللّهمّ لا تقه منها (a) (١).
ثم ولي عسّامة بن عمرو باستخلاف موسى بن مصعب، وبعث إلى دحية جيشا مع أخيه بكّار بن عمرو، فحارب يوسف بن نصير وهو على جيش دحية، فتطاعنا، ووضع يوسف الرّمح في خاصرة بكّار، ووضع بكّار الرّمح في خاصرة يوسف، فقتلا معا، ورجع الجيشان منهزمين وذلك في ذي الحجّة (٢).
وصرف عسّامة، لثلاث عشرة خلت من ذي الحجّة، بكتاب ورد عليه من الفضل بن صالح بأنّه ولي مصر وقد استخلفه، فخلعه إلى سلخ المحرّم سنة تسع وستين ومائة (٣).
ثم قدم الفضل بن صالح بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس، سلخ المحرّم المذكور، في جيوش الشّام. ومات المهديّ في المحرّم هذا، وبويع موسى الهادي، فأقرّ الفضل (٤).
وقدم ومصر تضطرم (b) من أهل الحوف ومن خروج دحية، فإنّ النّاس كانوا قد كاتبوه ودعوه، فسيّر العساكر حتى هزم دحية وأسر وسيق إلى الفسطاط، فضربت عنقه وصلب في جمادى الآخرة سنة تسع وستين. فكان الفضل يقول: أنا أولى النّاس بولاية مصر، لقيامي في أمر دحية وقد عجز عنه غيري، فعزل وندم على قتل دحية.
والفضل هو الذي بنى الجامع بالعسكر في سنة تسع وستين، فكانوا يجمعون فيه (٥).
ثم ولي عليّ بن سليمان بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس، من قبل الهادي، على الصّلاة والخراج، فدخل في سنة تسع وستين ومائة. ومات الهادي للنصف من ربيع الأوّل سنة سبعين ومائة، وبويع هارون بن محمد الرّشيد، فأقرّ عليّ بن سليمان. وأظهر في ولايته الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، ومنع الملاهي والخمور، وهدم الكنائس المحدثة بمصر، وبذل له في تركها خمسون ألف دينار فامتنع (٦).
(a) النّسخ وبولاق: لا تمقتنا، والتصويب من الكندي. (b) بولاق: وقدم مصر يضطرب. (١) الكندي: ولاة مصر ١٥١. (٢) نفسه ١٥١. (٣) نفسه ١٥١ - ١٥٢. (٤) نفسه ١٥٢. (٥) فيما يلي ٢٦٤: ٢. (٦) أي امتنع عن أخذ الدنانير وأصر على هدم الكنائس (أبو المحاسن: النجوم ٦١: ٢).