وقال ابن المتوّج: الحمراوات ثلاث: أولى، ووسطى، وقصوى: فأمّا الأولى فتجمع حائز الإوزّ وعقبة العدّاسين، وسوق وردان، وخطّة الزّبير، إلى نقّاشين (a) البلاط، طولا وعرضا، على قدر ذلك؛ وأمّا الوسطى، فمن درب نقّاشين (a) البلاط إلى درب معاني، طولا وعرضا على قدره؛ وأمّا القصوى فمن درب معاني إلى القنطرة (b) الظّاهرية - يعني قناطر السّباع -، وهي حدّ ولاية مصر من القاهرة.
وكانت هذه الحمراوات جلّ عمارة مصر في زمن الرّوم. فإذا الحمراء الأولى والوسطى هما الآن خراب، وموضعهما فيما بين سوق المعاريج، وحمّام ظنّ (c) من شرقيهما/ إلى ما يقابل المراغة في الشّرق (١).
وأمّا الحمراء الدّنيا فهي الآن تعرف بخطّ قناطر السّباع، وبخطّ السّبع سقايات، وبحكر الخليلي وحكر آقبغا، والكوم حيث الأسرى، ومنها أيضا خطّ الكبش، وخطّ الجامع الطّولوني والعسكر، ومنها حدرة ابن قميحة إلى حيث قنطرة السّدّ، وبستان الطّواشي وما في شرقية إلى مشهد الرّأس المعروف بزين العابدين. وسيأتي لذلك مزيد بيان، إن شاء اللّه تعالى، عند ذكر العسكر.
وكانت مدينة الفسطاط على قسمين: هما «عمل فوق»، و «عمل أسفل». ف عمل فوق (٢) له طرفان: غربيّ، وشرقيّ. فالغربيّ من شاطئ النّيل في الجهة القبلية وأنت مارّ في الشّرف، المعروف اليوم بالرّصد، إلى القرافة الكبرى. والشّرقيّ من القرافة الكبرى إلى العسكر. وعمل أسفل (٣) ما عدا ذلك إلى حدّ القاهرة.
(a) بولاق: نقاشي، والتصويب من المسودة. (b) بولاق: القناطر. (c) بولاق: حمام طن. (١) انظر فيما يلي ١٥٨؛ المسودة ٥٠ ظ. (٢) عمل فوق. هو جزء مدينة الفسطاط الشرقي الممتد حتى المقابر القديمة في سفح المقطم. وتمثل بركة الحبش الحدّ الجنوبي الطبيعي لهذا الجزء حيث توجد اليوم ضاحية القاهرة الجنوبية البساتين. أمّا الحدّ الشمالي لهذا القسم فكان يمتدّ إلى ما يلي الخليج في منطقة يصعب تحديدها تعادل ميدان السيدة زينب الحالي وهي تشغل أرضا غير متساوية تتكوّن أساسا من هضبة صخرية تنحدر بميل تجاه النيل وتحيط بها مجموعة من التلال يحدّها من الجنوب الشّرف المعروف بالرّصد. ونظرا لأنّها كانت أكثر ارتفاعا من المنطقة الغربية أطلق عليها «الموقف» أو «عمل فوق». وكانت أكثر اتّساعا من المنطقة الغربية وتمثل حيّا سكنيّا خاليا من المراكز التجارية والحرفية التي تركزت في الجانب الآخر من المدينة. وقد دمّر هذا القسم من المدينة تماما منذ الشّدّة العظمى في زمن المستنصر باللّه في منتصف القرن الخامس الهجري ولم يعد سكنه بعد ذلك بسبب الأوبئة، ولكن أعيد استخدام أنقاضه في بناء مناطق أخرى خاصّة منطقة المشاهد بين المشهد النّفيسي جنوبا وباب زويلة شمالا (انظر فيما تقدم ٩: ١ وفيما يلي ٥٨، ١٤٦، ١٥٢، ١٥٦ - ١٥٧، ١٦٧ - ٢٢٤؛ ١٠٠: ٢، ٢٦٥؛ Fu'?d Sayyid، A.، op.cit.، pp. ٥٩٥ - ٩٦; Kubiak، F.، (al-Fust?t p. ٣٦. (٣) عمل أسفل هو الجزء الغربي للفسطاط الواقع على