ثلاث خصال: لا تنقض بالقبط وأدخلني معهم وألزمني ما لزمهم، وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ما عاقدتك عليه فهم متمّون لك على ما تحبّ. وأمّا الثانية إن سألك الرّوم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئا وعبيدا، فإنّهم أهل ذلك لأنّي نصحتهم فاستغشّوني، ونظرت لهم فاتّهموني. وأمّا الثالثة أطلب إليك إن أنا متّ أن تأمرهم أن يدفنوني في أبي يحنّس بالإسكندرية (a).
فأنعم له عمرو بذلك، وأجابه إلى ما طلب، على أن يضمنوا له الجسرين جميعا، ويقيموا لهم الأنزال والضّيافة والأسواق والجسور، ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية. ففعلوا، وصارت لهم القبط أعوانا كما جاء في الحديث (١).
وقال ابن وهب في حديثه عن عبد الرّحمن بن شريح: فسار عمرو بمن معه حتى نزل على الحصن، فحاصرهم حتى سألوه أن يسير منهم بضعة عشر أهل بيت ويفتحوا له الحصن، ففعل ذلك، ففرض عليهم عمرو لكلّ رجل من أصحابه دينارا وجبّة وبرنسا وعمامة وخفّين. وسألوه أن يأذن لهم أن يهّيئوا له ولأصحابه صنيعا، ففعل، وأمر عمرو أصحابه فتهيّئوا ولبسوا البرود ثم أقبلوا.
فلمّا فرغوا من طعامهم سألهم عمرو: كم أنفقتم؟ قالوا: عشرين ألف دينار؛ قال عمرو: لا حاجة لنا بصنيعكم بعد اليوم، أدّوا إلينا عشرين ألف دينار. فجاءه النّفر من القبط، فاستأذنوه إلى قراهم وأهليهم، فقال لهم عمرو: كيف رأيتم أمرنا؛ قالوا: لم نر إلاّ حسنا؛ فقال الرّجل الذي قال في المرّة الأولى [ما قال لهم] (b): إنّكم لن تزالوا تظهرون على كلّ من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلا. فغضب عمرو وأمر به، فطلب إليه أصحابه وأخبروه/ أنّه لا يدري ما يقول حتى خلّصوه.
فلمّا بلغ عمرا قتل عمر بن الخطّاب ﵁ أرسل في طلب ذلك القبطيّ فوجدوه قد هلك، فعجب عمرو من قوله. ويقال إنّ عمرو بن العاص قال: فلمّا طعن عمر بن الخطّاب، قلت: هو ما قال القبطيّ، فلمّا حدّثت أنّه إنّما قتله أبو لؤلؤة رجل نصرانيّ، قلت:
(a) بولاق: يدفنوني بجسر الإسكندرية. (b) زيادة من فتوح مصر. (١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ٧١ - ٧٢؛ ابن سعيد: المغرب ٢٩ - ٣١.