للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه إلى الجزيرة التي تجاه الحصن، وهي التي تعرف اليوم ب «الرّوضة» قبالة مصر.

وكان مقياس النّيل بجانب الحصن. قال ابن المتوّج: وعمود المقياس موجود في زقاق مسجد ابن النّعمان؛ قلت: وهو باق إلى يومنا هذا، أعني سنة عشرين وثمان مائة (١).

وكان هذا الحصن لا يزال مشحونا بالمقاتلة، وسيرد في هذا الكتاب خبره إن شاء اللّه.

وكان بجوار هذا الحصن من بحريه - وهي الجهة الشمالية - أشجار وكروم صار موضعها الجامع العتيق. وفيما بين الحصن والجبل عدّة كنائس وديارات للنّصارى، أكثرها (a) في الموضع الذي يعرف اليوم براشدة.

وبجانب الحصن - فيما بين الكروم التي كانت بجانبه وبين الجرف الذي يعرف اليوم بجبل يشكر حيث جامع ابن طولون والكبش - عدّة كنائس وديارات للنّصارى، في الموضع الذي كان يعرف في أوائل الإسلام بالحمراء، وعرف الآن بخطّ قناطر السّباع والسّبع سقايات. وبقي بالحمراء (b) عدّة من الدّيارات إلى أن هدمت في سلطنة الملك النّاصر محمد بن قلاوون، على ما ذكر في هذا الكتاب عند ذكر كنائس النّصارى (٢).

فلمّا افتتح عمرو بن العاص مدينة الإسكندرية الفتح الأوّل، نزل بجوار هذا الحصن، واختطّ الجامع المعروف بالجامع العتيق وبجامع عمرو بن العاص، واختطّت قبائل العرب من حوله، فصارت مدينة عرفت ب «الفسطاط»، ونزل النّاس بها.

فانحسر بعد الفتح بأعوام ماء النّيل عن أرض تجاه الحصن والجامع العتيق، فصار المسلمون يعرقون (c) (٣) هناك دوابّهم، ثم اختطّوا فيه المساكن شيئا بعد شيء. وصار ساحل البلد حيث الموضع الذي يقال له اليوم في مصر المعاريج، مارّا إلى الكوم الذي على يسرة الداخل من باب مصر بحدّ الكبارة، وفي موضع هذا الكوم كانت الدّور المطلّة على النّيل. ويمرّ السّاحل من باب مصر المذكور إلى حيث بستان ابن كيسان، الذي يعرف اليوم ببستان الطّواشي، في أوّل مراغة مصر.


(a) ساقطة من بولاق.
(b) ساقطة من ظ.
(c) بولاق: يوقفون.
(١) فيما يلي ٥١٠: ٢، وهذه التواريخ تفيدنا في التعرّف على الفترات المختلفة التي كان يدون فيها المقريزي فصول كتابه.
(٢) انظر فيما يلي ٥١٢: ٢ - ٥١٣.
(٣) حاشية بخط المؤلّف: «أعرقت الفرس وعرقته، أجريته ليعرق، ويقول أعرق الفرس يريد أعدّه لأنه إذا أعد أعرق فيكتفي بذكر العرق من ذكر الفرس».