وبنى مواضع كنز فيها كنوزا، وأقام عليها أعلاما. وبنى في صحراء الغرب مدينة يقال لها ديماس، وأقام فيها منارا، ودفن حولها كنوزا (١). ويقال إنّ هذه المدينة قائمة، وإنّ قوما جازوا بها من نواحي الغرب وقد ضلّوا الطّريق، فسمعوا بها عزيف الجنّ، ورأوا ضوءا يتراءى بها.
وفي بعض كتبهم أنّ ذلك الثّور، بعد مدّة من عبادتهم له، أمرهم أن يعملوا صورته من ذهب أجوف، ويؤخذ من رأسه شعرات ومن ذنبه ومن نحاته قرونه وأظلافه، ويجعل في التّمثال المذكور؛ وعرّفهم أنّه يلحق بعالمه، وأمرهم أن يجعلوا جسده في جرن من حجر أحمر، ويدفن في الهيكل، وينصب تمثاله عليه، وزحل في شرفه، والشّمس تنظر إليه من تثليث و (a) القمر زائد النّور، وينقش على التّمثال علامات الكواكب السّبعة؛ ففعلوا ذلك، وكلّلوه بجميع الأصناف من الجواهر، وجعلوا عينيه جزعتين، وغرسوا في الهيكل عليه شجرة، بعد ما دفنوه في الجرن الأحمر، وبنوا منارا طوله ثمانون ذراعا، على رأسه قبّة تتلوّن كل يوم لونا حتى تمضي سبعة أيام، ثم تعود إلى اللّون الأوّل.
وكسوا الهيكل ألوان الثّياب، وشقّوا نهرا من النّيل إلى الهيكل، وجعل حوله طلّسمات، رؤوسها رؤوس القرود على أبدان النّاس، كلّ واحد منها لدفع مضرّة وجلب منفعة.
وأقام عند الهيكل أربعة أصنام على أربعة أبواب، ودفن تحت كلّ صنم صنفا من الكنوز، وكتب عليها قربانها وبخورها، وأسكنها السّحرة (b)، فكانت تعرف بمدينة السّحرة (b)، ومنها كانت أصناف السّحرة (b) تخرج (٢).
وهو أوّل من عمل النّوروز بمصر. وفي زمانه بنيت البهنسا. وأقام بها أسطوانات، وجعل فيما فوقها مجلسا من زجاج أصفر، عليه قبّة مذهّبة، إذا طلعت الشّمس ألقت شعاعها على المدينة (٣).
ويقال إنّه ملكهم ثمان مائة وثلاثين سنة، ودفن في أحد الأهرام الصّغار القبلية، وقيل في غربي الأشمونين. ودفن معه من المال والجوهر والعجائب شيء كثير، وأصنام (c) الكواكب السّبعة
(a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: الشجرة. (c) بولاق: أصناف. (١) فيما تقدم ٣٧٦. (٢) النويري: نهاية الأرب ٦٧: ١٥ - ٦٩. (٣) النويري: نهاية الأرب ٧١: ١٥ (عن ابن وصيف شاه)؛ المسعودي: أخبار الزمان ١٧٧، وانظر فيما تقدم ٣٧٦ وفيما يلي ٧٢٧ نسب عمل النّوروز إلى مناوش ابن منقاوش.