للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان بقفط بربا موكل بها روحانيّ في صورة جارية سوداء تحمل صبيّا أسود صغيرا، حكي أنّها رئيت بها مرارا.

ومعدن الزّمرّد (١) في البرّ المتّصل بأسوان، وكان له ديوان فيه شهود وكتّاب، وينفق على العمال به، وتنال لهم المؤن لحفره، واستخراج الزّمرّد منه. وهو في جبال مرمّلة يحفر فيه، وربّما سقط على الجماعة به فماتوا. وكان يجمع ما يخرج منه، ويحمل إلى الفسطاط، ومنه يحمل إلى البلاد (٢).

وقد كان الناس يسيرون من قوص إلى معدن الزّمرّد في ثمانية أيّام بالسّير المعتدل، وكانت البجاة تنزل حوله وقريبا منه لأجل القيام بخفره وحفظه. وهذا المعدن في الجبل الآخذ على شرقي النّيل، في بحري قطعة عظيمة من هذا الجبل تسمّى أقرشندة، وليس هناك من الجبال أعلى منها، وهو في منقطع من البرّ لا عمارة عنده ولا حوله ولا قريبا منه، والماء عنه مسيرة نصف يوم أو أزيد، وهو ما يتحصّل من المطر، ويعرف بغدير أعين، يكثر بكثرة المطر ويقلّ بقلّته.

وهذا المعدن في صدر مغارة (a) طويلة في حجر أبيض يستخرج منه الزّمرّد، وهذا الحجر الأبيض ثلاثة أنواع: أحدها يقال له طلق كافوري، والثاني يقال له طلق فضّي، والثالث يقال له حجر جروي. ويضرب في هذه الحجارة حتى يخرج الزّمرّد، وهو كالعروق (b) فيه.

وأنواعه الذّبابي (c)، وهو أقلّ من القليل، لا يخرج إلاّ في النّادر، وإذا استخرج ألقي في الزّيت الحار، ثم يحطّ في قطن، ويصرّ ذلك القطن في خرقة خام (d) أو نحوها. وكان الاحتراز على هذا المعدن كثيرا جدّا، ويفتّش الفعلة عند الخروج منه كلّ يوم حتى تفتّش عوراتهم، ومع ذلك فيختلسون منه بصناعات لهم في ذلك (٣).


(a) بولاق: مفازة.
(b) الأصل وبولاق: كالغريق.
(c) بولاق: الرباني.
(d) بولاق: خرق وفي مسالك الأبصار خرق كتان.
(١) عن هذا المعدن ومواضعه في مصر راجع، المسعودي: مروج الذهب ١٣٢: ٢ - ١٣٦؛ التيفاشي: أزهار الأفكار في جواهر الأحجار ٧٨ - ٩١، ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار (ممالك مصر والشام) ١١ - ١٣؛ القلقشندي: صبح الأعشى ١٠٧: ٢ - ١١٠، ٢٨٢: ٣ - ٢٨٣؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٤٣: ١؛ السيوطي: حسن المحاضرة ٣٣٢: ٢.
(٢) نقلا عن ابن فضل اللّه العمري: مسالك الأبصار (ممالك مصر والشام) ٦٧.
(٣) نقلا عن مسالك الأبصار ١١ - ١٣ وقارن مع القلقشندي: صبح ١٠٨: ٢ - ١٠٩.