ويقال إنّ أيلة هي القرية التي ذكرها اللّه تعالي في كتابه العزيز (a) حيث قال: ﴿وَسْئَلْهُمْ عَنِ اَلْقَرْيَةِ اَلَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ اَلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي اَلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذلِكَ نَبْلُوهُمْ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ﴾ [الآية ١٦٣ سورة الأعراف]. وقد اختلف في تعيين هذه القرية، فقال ابن عبّاس ﵄ وعكرمة والسّدّي: هي أيلة؛ وعن ابن عبّاس أيضا أنّها مدينة بين أيلة والطّور؛ وعن الزّهري أنّها طبريّة.
وقال قتادة وزيد بن أسلم: هي ساحل من سواحل الشّام، بين مدين وعينونة/، يقال لها مقناة.
وسئل الحسين بن الفضل: هل تجد في كتاب اللّه الحلال لا يأتيك إلاّ قوتا، والحرام يأتيك جزافا (a) جزافا؟ قال: نعم في قصّة أيلة: ﴿إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ﴾ [الآية ١٦٣ سورة الأعراف].
وكان من خبر أهل القرية أنّهم كانوا من بني إسرائيل، وقد حرّم اللّه عليهم العمل في يوم السّبت، فزيّن لهم إبليس الحيلة وقال: إنّما نهيتم عن أخذ الحيتان يوم السّبت، فاتّخذوا الحياض، فكانوا يسوقون الحيتان إليها يوم الجمعة فتبقى فيها، فلا يمكنها الخروج منها لقلّة الماء، فيأخذونها يوم الأحد.
وقيل كان الرّجل يأخذ خيطا، ويضع فيه وهقة ويلقيها (b) في ذنب الحوت - وهو بتحريك الهاء وإسكانها - حبل كالطول، ويجعل في الطّرف الآخر من الخيط وتدا، ويتركه كذلك إلى يوم الأحد.
ثم تطرّق الناس، حين رأوا من صنع هذا لا يبتلى، حتى كثر الصّيد للحيتان، ومشي به في الأسواق، وأعلن الفسقة بصيده. فقامت طائفة من بني إسرائيل وجاهرت بالنّهي، واعتزلت وقالت: لا نساكنكم. فقسموا القرية بجدار، فأصبح النّاهون ذات يوم في مجالسهم، ولم يخرج من المعتدين أحد، فقالوا: إنّ للناس لشأنا؛ فعلوا على الجدار، فإذا هم قردة، فدخلوا عليهم، فعرفت القردة أنسابها من الإنس، فجعلت تأتيهم فتشمّ ثيابهم وتبكي، فيقول النّاهون للقردة: ألم ننهكم؟ فتقول برأسها: نعم. قال قتادة: فصارت الشّباب قردة، والشّيوخ خنازير، فما نجا إلاّ الذين نهوا، وهلك سائرهم. وقيل إنّ ذلك كان في زمن نبيّ اللّه داود ﵇.