للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي ليلة الجمعة، ثامن عشر ربيع الأوّل سنة تسع وسبعين (a) وثلاث مائة، شاهد أهل تنّيس تسعة أعمدة من نار تلتهب في آفاق السّماء من ناحية الشّمال، فخرج الناس إلى ظاهر البلد يدعون اللّه تعالى حتى أصبحوا، وخفيت (b) تلك النّيران (١).

وفيها صيد ببحيرة تنّيس حوت طوله ذراع، ونصفه الأعلى فيه رأس وعينان وعنق وصدر على صورة أسد، ويداه في صدره بمخاليب (c)، ونصفه الأدنى صورة حوت بغير قشر، فحمل إلى القاهرة.

وفي سنة سبع وسبعين (a) وثلاث مائة، ولدت جارية بنتا برأسين: أحدهما بوجه أبيض منزل (d)، والآخر بوجه أسمر فيه سهولة، في كلّ وجه عينان، فكانت ترضعهما. وكلاهما مركّب على عنق واحد في جسد واحد بيدين ورجلين وفرج ودبر؛ فحملت إلى العزيز حتى رآها، ووهب لأمّها جملة، ثم عادت إلى تنّيس وماتت بعد شهور (٢).

وفي سنة إحدى وسبعين وخمس مائة، وصل إلى تنّيس، من شواني صقلّيّة، نحو أربعين مركبا، فحصروها يومين وأقلعوا. ثم وصل إليها من صقلّيّة، في سنة ثلاث وسبعين أيضا، نحو أربعين مركبا، فقاتلوا أهل تنّيس حتى ملكوها. وكان محمد بن إسحاق صاحب الأسطول قد حيل بينه وبين مراكبه، فتحيّز في طائفة من المسلمين إلى مصلّى تنّيس، فلمّا أجنّهم اللّيل هجم بمن معه البلد على الفرنج وهم في غفلة، فأخذ منهم مائة وعشرين فقطع رؤوسهم، فأصبح الفرنج إلى المصلّى، وقاتلوا من بها من المسلمين، فقتل من المسلمين نحو السبعين، وسار من بقي منهم إلى دمياط. فمال الفرنج على تنّيس، وألقوا فيها النار فأحرقوها، وساروا - وقد امتلأت أيديهم بالغنائم والأسرى - إلى جهة الإسكندرية بعدما أقاموا بتنّيس أربعة أيام (٣).

ثم لمّا كان في (e) سنة خمس (f) وسبعين وخمس مائة، نزل فرنج عسقلان، في عشر حراريق (٤)،


(a) بولاق: وتسعين.
(b) بولاق: فخبت.
(c) بولاق: بمخالب.
(d) بولاق: مستدير.
(e) بولاق: لما كانت.
(f) بولاق: ست.
(١) ابن إياس: بدائع الزهور ١٩٥: ١/ ١ وفيه أن ذلك كان في سنة ثمان وسبعين.
(٢) نفسه ١٩٤: ١/ ١ - ١٩٥.
(٣) لم يذكر المقريزي هذه الحوادث في السلوك!
(٤) حرّاقة ج. حراريق وحرّاقات: نوع من السفن الحربية التي تستخدم للرمي بالنيران والنّفط بغرض إحراق سفن العدوّ، وهي تلي الشّواني في الأهمية، وكانت من لواحق المراكب الحربية الكبيرة التي لا تسير بدونها حماية لها.