للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طولها اثني عشر ميلا، ولها اثنا عشر بابا؛ وجعل في شارعها الأعظم ثلاث قباب عالية على أعمدة بعضها فوق بعض، منها قبّة في وسط المدينة، وقبّتان في طرفيها، وجعل على كلّ باب (a) مرقبا كبيرا، وفي كلّ ناحية منها ملعبا ومجالس ومتنزّهات تشرف (b)؛ وشقّ في غربيها نهرا، وعقد عليه قناطر، وجعل من فوقها مجالس متّصلة، وحولها المنازل تدور بالخليج متّصلة بالقناطر على رياض/ مزروعة من خلفها الأجنة (c) والبساتين؛ وعلى كلّ باب من الأبواب أعجوبة من تماثيل وأصنام متحرّكة، وأصنام تمنع من يؤذي؛ وجعل في داخل كلّ باب صورة شيطانين من صفر، فإذا قصدها أحد من أهل الخير قهقه الشّيطان الذي عن يمنة الباب، وإن كان من أهل الشّرّ بكى الشّيطان الذي عن يسرة الباب؛ وجعل في كلّ منتزه منها من الوحش الآلفة والطّيور المغرّدة كلّ مستحسن، وفوق قباب المدينة صورا تصفّر إذا هبّت الرّياح، ونصب مرايا (d) ترى البلاد البعيدة؛ وبنى حذاءها في الشّرق مدينة، وجعل فيها ملاعب وأصناما بارزة في صور مختلفة، وفي وسطها بركة إذا مرّ بها الطّير سقط عليها فلا يبرح حتى يؤخذ؛ وجعل لها حصنا باثني عشر بابا، على كلّ باب تمثال يعمل أعجوبة؛ وعمل حواليها أجنّة (e)، وجعل بالقرب منها - في ناحية الشّرق (f) - مجلسا منقوشا على ثماني أساطين، وفوقه قبّة عليها طائر منشور الجناحين، يصفّر في كلّ يوم ثلاث تصفيرات: بكرة، ونصف النّهار، وعند غروب الشّمس؛ وأقام فيها أصناما وعجائب كثيرة.

وبنى مدنا كثيرة، وأقام فيها رجلا يقال له برسان، يعمل الكيمياء، وضرب منها دنانير، في كلّ دينار سبعة مثاقيل، عليها صورته.

وعاش أتريب ملكا ثلاث مائة وستين سنة، وبلغ من العمر خمس مائة سنة. وعمل له ناووس في جبل بالمشرق (g)، حفر له تحته سرب بطّن بالزّجاج والمرمر، وجعل على سرير من ذهب مرصّع، وحملت إليه ذخائره، وجعلوا على بابه صورة تنّين لا يدنو منه أحد إلاّ أهلكه، وسفوا عليه الرّمال، وزبروا عليه اسمه وتاريخ وقته (١).


= (ياقوت: معجم البلدان ٨٧: ١؛ محمد رمزي: القاموس الجغرافي ١١: ١؛ ٣ .. (Maspero & Wiet، Materiaux I، p
(a) بولاق: قبة.
(b) بولاق: تشرق، وفي المقفى: تشرف على ما تحتها.
(c) بولاق: الجنان.
(d) بولاق: مرآة.
(e) بولاق: جنان.
(f) في المقفى: في شرقها.
(g) بولاق: بالشرق.
(١) النويري: نهاية الأرب ٧٦: ١٥ - ٧٧؛ وترجم المقريزي لأتريب في المقفى الكبير ٣٤١: ١ - ٣٤٢.