للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم حجره الوالي ومنع الناس من صيده، فذهب حتى كاد لا يرى فيه إلاّ الواحدة بعد الواحدة إلى يومنا هذا (١).

وقال أبو عمر الكندي في كتاب «الموالي» عن الحارث بن مسكين: أنّه تقلّد قضاء مصر من قبل أمير المؤمنين الواثق باللّه في سنة تسع وثلاثين ومائتين، فذكر سيرته وقال: وحفر خليج الإسكندرية، وورد الكتاب بصرفه في شهر ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين.

وقال جامع «السّيرة الطّولونيّة»: وفي ربيع الأوّل سنة تسع وخمسين ومائتين، أمر أحمد بن طولون بحفر خليج الإسكندرية.

وقال المسعوديّ: وقد كان النّيل انقطع عن بلاد الإسكندرية قبل سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مائة.

وقد كان الإسكندر بنى الإسكندرية على هذا الخليج من النّيل، وكان عليها عظم (a) ماء النّيل، فكان يسقي الإسكندرية وبلاد مريوط، وكانت بلاد مريوط في نهاية العمارة والجنان المتّصلة بأرض برقة، وكانت السّفن تجري في النّيل وتتّصل بأسواق الإسكندرية. وقد بلّط أرض خليجها في المدينة بالأحجار والمرمر، وانقطع الماء عنها لعوارض سدّت خليجها ومنعت الناس دخوله، فصار شربهم من الآبار، وصار النّيل على يوم منهم (٢).

وذكر المسبّحيّ أنّ الحاكم بأمر اللّه، أبا منصور بن العزيز، أطلق لحفر خليج الإسكندرية، في سنة أربع وأربع مائة، خمسة عشرة ألف دينار، فحفر كلّه (٣).

وفي سنة اثنتين وستين وستّ مائة بعث الملك الظّاهر بيبرس الأمير عليّا، أمير جاندار، لحفر خليج الإسكندرية، وقد امتلأت فوّهته بالطّين، وقلّ الماء في الإسكندرية، فابتدأ الحفر من النّقيدي، وأنشأ هناك مسجدا. وتولّى مباشرة هذا الحفر المعلم تعاسيف ناظر الدّواوين (٤).

ثم بعث السّلطان، في سنة أربع وستين وستّ مائة، لحفر هذا الخليج الأمير علم الدين سنجر المسروري، ثم سار بعامّة الأمراء والأجناد وباشر الحفر بنفسه، وعمل فيه الأمراء وجميع النّاس


(a) بولاق: معظم.
(١) الطرطوشي: سراج الملوك ١٩٠: ١ - ١٩١.
(٢) المسعودي: مروج الذهب ١١٤: ١ - ١١٥.
(٣) المسبحي: نصوص ضائعة ٣٢.
(٤) المقريزي: السلوك ٥١٠: ١.