فغضب صاحب إخنا، وخرج إلى الرّوم فقدم بهم، فهزمهم اللّه تعالى. وأسر فأتي به إلى عمرو، فقال له الناس: اقتله؛ فقال: لا، بل انطلق فجئنا بجيش آخر، وسوّره وتوجّه، وكساه برنس أرجوان، فرضي بأداء الجزية، فقيل له: لو أتيت ملك الرّوم؟ فقال: لو أتيته لقتلني، وقال قتلت أصحابي (١).
وعن أبي قبيل أنّ عتبة بن أبي سفيان عقد لعلقمة بن يزيد (a) الغطيفي (b) على الإسكندرية، وبعث معه اثني عشر ألفا، فكتب علقمة إلى معاوية بن أبي سفيان يشكو عتبة حين غرّر به وبمن معه. فكتب إليه معاوية:«إنّي قد أمددتك بعشرة آلاف من أهل الشّام، وبخمسة آلاف من أهل المدينة»، فكان في الإسكندرية سبعة وعشرون ألفا.
وفي رواية: أنّ علقمة بن يزيد كان على الإسكندرية ومعه اثنا عشر ألفا، فكتب إلى معاوية:
«إنّك خلّفتني بالإسكندرية وليس معي إلاّ اثنا عشر ألفا، ما يكاد بعضنا يرى بعضا من القلّة».
فكتب إليه معاوية:«إنّي قد أمددتك بعبد اللّه بن مطيع في أربعة آلاف من أهل المدينة، وأمرت معن بن يزيد السّلمي أن يكون بالرّملة في أربعة آلاف ممسكين بأعنّة خيولهم، متى بلغهم عنك فزع يعبروا إليك»(٢). قال ابن لهيعة: وقد كان عمرو بن العاص يقول: «ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة»(٣).
وكان عمرو، حين توجّه إلى الإسكندرية، خرّب القرية التي تعرف اليوم بخربة وردان.
واختلف علينا السّبب الذي خرّبت له، فحدّثنا سعيد بن عفير أنّ عمرا لمّا توجّه إلى نقيوس لقتال الرّوم، عدل وردان لقضاء حاجته عند الصّبح، فاختطفه أهل الخربة فغيّبوه فقده عمرو وسأل عنه وقفا أثره، فوجدوه في بعض دورهم، فأمر بإخرابها وإخراجهم منها.
وقيل كان أهل الخربة رهبانا كلّهم، فغدروا بقوم من ساقة عمرو، فقتلوهم بعد أن بلغ عمرو الكريون، فأقام عمرو، ووجّه إليهم وردان فقتلهم وخرّبها، فهي خراب إلى اليوم.
(a) ساقطة من بولاق. (b) بولاق: القطيفي. (١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٧٦ - ٧٧. (٢) نفسه ١٩٢. (٣) نفسه ١٩٢؛ النويري: نهاية الأرب ٣٤٨: ١، أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٣٢: ١ - ٣٣ وفيما تقدم ٧١.