للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له عمرو - كم يكون مكثي في ذلك؟ قال: شهرا، تنطلق معي ذاهبا عشرا، وتقيم عندنا عشرا، وترجع في عشر، ولك عليّ أن أحفظك ذاهبا، وأن أبعث معك من يحفظك راجعا؛ فقال له عمرو: أنظرني حتى أشاور أصحابي في ذلك.

فانطلق عمرو إلى أصحابه فأخبرهم بما عاهد عليه الشّمّاس، وقال لهم: تقيمون عليّ حتى أرحع إليكم ولكم عليّ العهد أن أعطيكم شطر ذلك، على أن يصحبني رجل منكم آنس به؛ فقالوا: نعم، وبعثوا معه رجلا منهم.

فانطلق عمرو وصاحبه مع الشّمّاس، حتى انتهوا إلى مصر، فرأى عمرو من عمارتها وكثرة أهلها وما بها من الأموال والخير ما أعجبه، فقال عمرو للشّمّاس: ما رأيت مثل ذلك، (a)) فقال الشّمّاس: ما رأيت مثل عمرو (a).

ومضى إلى الإسكندرية، فنظر عمرو إلى كثرة ما فيها من الأموال والعمارة، وجودة بنائها وكثرة أهلها، فازداد عجبا. ووافق دخول عمرو الإسكندرية عيدا فيها عظيما يجتمع فيه ملوكهم وأشرافهم، ولهم كرة من ذهب مكلّلة يترامى بها ملوكهم وهو يتلقّونها بأكمامهم، وفيما اختبروا من تلك الكرة - على ما وصفها من مضى منهم - أنّها من وقعت الكرة في كمّه واستقرّت فيه لم يمت حتى يملكهم.

فلمّا قدم عمرو الإسكندرية أكرمه الشّمّاس الإكرام كلّه، وكساه ثوب ديباج ألبسه إيّاه، وجلس عمرو والشّمّاس مع الناس في ذلك المجلس، حيث يترامون بالكرة وهم يتلقّونها بأكمامهم، فرمى بها رجل منهم، فأقبلت تهوي حتى وقعت في كمّ عمرو، فعجبوا من ذلك وقالوا: ما كذبتنا هذه الكرة قطّ إلاّ هذه المرّة. أترى هذا الأعرابيّ يملكنا؟ هذا ما لا يكون أبدا. وأنّ ذلك الشّمّاس مشى في أهل الإسكندرية، وأعلمهم أنّ عمرا أحياه مرّتين، وأنّه قد ضمن له ألفي دينار، وسألهم أن يجمعوا ذلك له فيما بينهم، ففعلوا ودفعوها إلى عمرو.

فانطلق عمرو وصاحبه، وبعث معهما الشّمّاس دليلا ورسولا، وزوّدهما وأكرمهما حتى رجع هو وصاحبه إلى أصحابهما، فبذلك عرف عمرو مدخل مصر ومخرجها، ورأى منها ما علم أنّها أفضل البلاد وأكثرها أموالا. فلمّا رجع عمرو إلى أصحابه، دفع إليهم فيما بينهم


(a-a)) ساقطة من بولاق.