وأعظم الأهرام الأهرامات (a) الثّلاثة التي هي اليوم قائمة تجاه مصر، وقد اختلف الناس في وقت بنائها واسم بانيها والسّبب في بنائها، وقالوا في ذلك أقوالا متباينة أكثرها غير صحيح.
وسأقصّ عليك من نبأ ذلك ما يشفي ويكفي إن شاء اللّه تعالى (١).
قال الأستاذ إبراهيم بن وصيف شاه الكاتب في «أخبار مصر وعجائبها» في أخبار سوريد بن سهلوق بن سرياق بن توميدون بن تدرسان بن هوصال، أحد ملوك مصر قبل الطّوفان الذين كانوا يسكنون في مدينة أمسوس الآتي ذكرها عند ذكرها مدائن مصر من هذا الكتاب (٢): وهو الذي بنى الهرمين العظيمين بمصر المنسوبين إلى شدّاد بن عاد، والقبط تنكر أن تكون العادية دخلت بلادهم لقوّة سحرهم (٣).
وسبب بناء الهرمين (٤) أنّه كان قبل الطّوفان بثلاث مائة سنة قد رأى سوريد في منامه/ كأنّ الأرض انقلبت بأهلها، وكأنّ الناس قد هربوا على وجوههم، وكأنّ الكواكب تتساقط ويصدم بعضها بعضا بأصوات هائلة، فغمّه ذلك، ولم يذكره لأحد، وعلم أنّه سيحدث في العالم أمر عظيم. ثم رأى بعد ذلك بأيّام كأنّ الكواكب الثابتة نزلت إلى الأرض في صور طيور بيض، وكأنّها تختطف الناس وتلقيهم بين جبلين عظيمين، وكأنّ الجبلين قد انطبقا عليهم، وكأنّ الكواكب المنيرة مظلمة مكسوفة؛ فانتبه مرعوبا (b) مذعورا، ودخل إلى هيكل الشّمس، وتضرّع ومرّغ خدّيه على التّراب وبكى. فلمّا أصبح، جمع رؤساء الكهنة من جميع أعمال مصر - وكانوا مائة وثلاثين كاهنا - فخلا بهم، وحكى لهم (c) ما رآه أوّلا وآخرا، فأوّلوه بأمر عظيم
(a) ساقطة من بولاق. (b) ساقطة من الأصل. (c) بولاق: وحدثهم. الإدريسي: أنوار علوي الأجرام ٣٩، وانظر فيما يلي ٣٢٥ (نقلا عن كتاب عجائب البلدان)، ١٥١: ٢، ٢٠٣. (١) انظر فيما يلي ٣٢٥ - ٣٢٧. (٢) فيما يلي ٣٥٠ - ٣٦٣. (٣) المسعودي: أخبار الزمان ١٣٢. (٤) ناقش الأستاذ فودور A.Fodor أصول الروايات العربية الثلاثة الخاصة ببناء أهرام مصر وهي: أسطورة هرمس التي ترى أن اثنين من الأهرام أحدهما قبر لهرمس والآخر قبر لأغاثديمون، ومصدر هذه الرواية أبو معشر البلخي، ثم أسطورة حلم الملك سوريد ومصدرها ابن وصيف شاه والقضاعي، وأخيرا رواية المسعودي عن أن شداد بن عاد أحد ملوك العمالقة هو الذي بنى الأهرام، وقد أورد المقريزي هنا الروايات الثلاثة. Fodor، A.، «The Origins of the) Arabic Legends of the Pyramids»، Acta. (Orientalia XXIII (١٩٧٠)، pp. ٣٣٤ - ٦٣