عن الطّواشي شجاع الدين عنبر المعروف بصدر الباز - وكان قد تمكّن منه تمكّنا كثيرا - أنّه يشرب الخمر، فشنقه تحت قلعة الجبل (١).
ولمّا ولي الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفي مملكة مصر أبطل «زكاة الدّولبة» (a) (٢)، وهو ما كان يؤخذ من الرّجل عن زكاة ماله أبدا ولو عدم منه، وإذا مات يؤخذ من ورثته، وأبطل ما كان يجبى من أهل إقليم مصر كلّه، إذا حضر مبشّر بفتح حصن أو نحوه، فيؤخذ من الناس بالقاهرة ومصر وعلى قدر طبقاتهم، ويجتمع من ذلك مال كثير. وأبطل ما كان يجبى من أهل الذّمّة، وهو دينار سوى الجالية، برسم نفقة الأجناد في كلّ سنة. وأبطل مقرّر جباية الدّينار من التّجّار عند سفر العسكر والغزاة، وكان يؤخذ من جميع تجّار القاهرة ومصر: من كلّ تاجر دينار. وأبطل ما كان يجبى عند وفاء النّيل ممّا يعمل به شوي وحلوى وفاكهة في المقياس، وجعل مصرف ذلك من بيت المال، وأبطل أشياء كثيرة من هذا النّمط.
وأبطل الملك النّاصر محمد بن قلاوون عدّة جهات قد ذكرت في الرّوك النّاصري (٣). وآخر ما أدركنا إبطاله ضمان المغاني (b) وضمان القراريط، في سنة ثمان وسبعين وسبع مائة، على يد الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون.
فأمّا «ضمان المغاني» (b) فكان بلاء عظيما، وهو عبارة عن أخذ مال من النّساء البغايا، فلو خرجت أجلّ امرأة في مصر تريد البغاء نزّلت اسمها عند الضّامنة، وقامت بما يلزمها، لما قدر أكبر أهل مصر على منعها من عمل الفاحشة. وكان على النّساء إذا انتفسن، أو عرّسن امرأة، أو خضّبت امرأة يديها بحنّاء، أو أراد أحد أن يعمل فرحا، لا بد من مال (c) بتقرير تأخذه الضّامنة، ومن فعل فرحا بأغان، أو نفّس امرأته من غير إذن الضّامنة، حلّ به بلاء لا يوصف (٤).
(a) بولاق: زكاة الدولة. (b) بولاق: الأغاني. (c) هذه الكلمات الثلاث ساقطة من الأصل. (١) المقريزي: السلوك ٦٢٣: ١. (٢) نفسه ٦٦٤: ١؛ النويري: نهاية الأرب ٩: ٣١؛ بيبرس المنصوري: زبدة الفكرة ١٧٨؛ العيني: عقد الجمان ٢٣٠: ٢؛ ابن إياس: بدائع الزهور ٣٦٣: ١/ ١. وزكاة الدّولبة هي مال كان يؤخذ من أصحاب الأموال ولو عدم المال، وإن مات عن فقر أخذ ذلك من ورثته، وكانت تفرض على كل مستخدم للدواليب - أي الآلات أو العجلات - في الري أو الغزل أو صناعة السكر، وعلى هذا الغرض تكون هذه الزكاة ضريبة على الآلات المستعملة في الصناعة (المقريزي: السلوك ٦٦٤: ١ هـ؛ وانظر فيما يلي ٤٠٥: ٢). (٣) فيما تقدم ٢٣٥ - ٢٤١. (٤) المقريزي: السلوك ٢٦٦: ٣؛ ابن إياس: بدائع