أمّا بعد، فإنّي قد عجبت من كثرة كتبي إليك في إبطائك بالخراج، وكتابك إلى سيّآت (a) الطّرق، وقد علمت أنّي لست أرضى منك إلاّ بالحقّ البيّن، ولم أقدمك إلى مصر أجعلها لك طعمة ولا لقومك، ولكني وجّهتك لما رجوت من توفيرك الخراج وحسن سياستك. فإذا أتاك كتابي هذا، فاحمل الخراج فإنّما هو فيء المسلمين، وعندي من قد تعلم قوم محصرون. والسّلام».
/ فكتب إليه عمرو بن العاص:
«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، لعمر بن الخطّاب، من عمرو بن العاص، سلام عليك، فإنّي أحمد إليك اللّه الذي لا إله إلاّ هو.
أمّا بعد، فقد أتاني كتاب أمير المؤمنين يستبطئني في الخراج، ويزعم أني أعند (b) عن الحقّ، وأنكب عن الطّريق، وإنّي واللّه ما أرغب عن صالح ما تعلم، ولكن أهل الأرض استنظروني إلى أن تدرك غلّتهم، فنظرت للمسلمين فكان الرّفق بهم خيرا من أن يخرق بهم فيصيروا إلى بيع ما لا غنى بهم عنه. والسّلام» (١).
وقال اللّيث بن سعد ﵁: جباها عمرو بن العاص ﵁ اثني عشر ألف ألف دينار، وجباها المقوقس قبله بسنة عشرين ألف ألف دينار، فعند ذلك كتب إليه عمر بن الخطّاب بما كتب به. وجباها عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح، حين استعمله عثمان ﵁ على مصر، أربعة عشر ألف ألف دينار، فقال عثمان لعمرو بن العاص بعدما عزله عن مصر: يا أبا عبد اللّه، درّت اللّقحة بأكثر من درّها الأوّل. قال: أضررتم بولدها. فقال: ذلك إن لم يمت الفصيل (٢).
وكتب معاوية بن أبي سفيان إلى وردان - وكان قد ولي خراج مصر - أن زد على كلّ رجل من القبط قيراطا. فكتب إليه وردان: كيف نزيد عليهم وفي عهدهم ألاّ يزاد عليهم شيء؟ فعزله معاوية، وقيل في عزل وردان غير ذلك.
(a) بولاق: ببنيات. (b) بولاق: أحيد. (١) ابن عبد الحكم: فتوح مصر ١٦٠ - ١٦١. (٢) نفسه ١٦١.