للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثة أصناف: خطّ العامّة، وخطّ الخاصّة - وهو خطّ الكهنة المختصر - وخطّ الملوك (١).

وقال ابن وصيف شاه: كانت كهنة مصر أعظم الكهّان قدرا، وأجلّها علما بالكهانة، وكانت حكماء اليونانيين تصفهم بذلك، وتشهد لهم به، فيقولون: اختبرنا حكماء مصر بكذا وكذا، وكانوا ينحون بكهانتهم نحو الكواكب، ويزعمون أنّها هي التي تفيض عليهم العلوم وتخبرهم بالغيوب، وهي التي تعلمهم أسرار الطوالع وصفة الطلاسم، وتدلّهم على العلوم المكتومة والأسماء الجليلة المخزونة. فعملوا الطلّسمات المشهورة، والنواميس الجليلة، وولّدوا الأشكال الناطقة، وصوّروا الصّور المتحرّكة، وبنوا العالي من البنيان، وزبروا علومهم في الحجارة (a)، وعملوا من الطلّسمات ما دفعوا به الأعداء عن بلادهم، فحكمهم باهرة، وعجائبهم ظاهرة (٢).

وكانت أرض مصر خمسا وثمانين كورة، منها: أسفل الأرض خمس وأربعون كورة، ومنها بالصّعيد أربعون كورة، وكان في كلّ كورة رئيس من الكهنة وهم السّحرة.

وكان الذي يتعبّد منهم للكواكب السّبعة السّيّارة سبع سنين يسمّونه «باهر»، والذي يتعبّد منهم لها تسعا وأربعين سنة - لكلّ كوكب سبع سنين - يسمّونه «قاطر»، وهذا يقوم له الملك إجلالا، ويجلسه معه إلى جانبه، ولا يتصرّف إلا برأيه، وتدخل الكهنة ومعهم أصحاب الصّنائع فيقفون حذاء القاطر (٣).

وكان كلّ كاهن منهم ينفرد بخدمة كوكب من الكواكب السبعة السّيّارة لا يتعدّاه إلى سواه، ويدعى بعبد ذلك الكوكب، فيقال: عبد القمر، عبد عطارد، عبد الزّهرة، عبد الشّمس، عبد المرّيخ، عبد المشتري، عبد زحل. فإذا وقفوا جميعا قال «القاطر» لأحدهم: أين صاحبك اليوم؟ فيقول: في برج كذا، ودرجة كذا، ودقيقة كذا. ثم يقول للآخر كذلك، فيجيبه، حتى يأتي على جميعهم، ويعرف أماكن الكواكب من فلك البروج. ثم يقول للملك:

ينبغي أن تعمل اليوم كذا، أو تأكل كذا، أو تجامع في وقت كذا، أو تركب وقت كذا، إلى آخر


(a) عند النويري: في الصّلب من الصّوّان.
(١) قارن ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء ٣٨: ١؛ وهو ما أطلق عليه علماء المصريات: الخطّ الدّيموطيقي والخطّ الهيراطيقي والخطّ الهيروغليفي.
(٢) النويري: نهاية الأرب ٤٠: ١٥.
(٣) نفسه ٤٠: ١٥.