للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخذ صوفيّة الخانقاه الصّلاحيّة سعيد السّعداء قطعة كبيرة (a) قدر فدّانين وأداروا عليها سورا من حجر، وجعلوها مقبرة لمن يموت منهم، (b) فسمّيت «تربة الصّوفيّة» (b)، وهي باقية إلى يومنا هذا، وقد وسّعوا فيها بعد سنة تسعين وسبع مائة بقطعة من تربة قراسنقر (١).

وما برح الناس يقصدون «تربة الصّوفيّة» هذه لزيارة من فيها من الأموات، ويرغبون في الدّفن بها، إلى أن تولّى مشيخة الخانقاه الشّيخ شمس الدّين محمد البلالي، فسمح لكلّ أحد أن يقبر ميّته بها على مال يأخذه منه، فقبر بها كثير من أعوان الظّلمة ومن لم تشكر طريقته، فصارت مجمع نسوان ومجلس لعب.

وعمّر أيضا بجوار «تربة الصّوفيّة» الأمير مسعود بن خطير تربة، وعمل لها منارة من حجارة لا نظير لها في هيئتها، وهي باقية (٢). وعمّر أيضا مجد الدّين السّلاّمي تربة (٣)، وعمّر الأمير سيف الدّين كوكاي تربة (b) مقابل تربة الصّوفية (b) (٤)، وعمّر الأمير طاجار (c) الدّوادار على رأس المطبق (d) مقابل قبّة النصر، تربة (٥). وعمّر الأمير سيف الدّين طشتمر السّاقي على الطريق تربة (٦). وبنى


(a) إضافة من المسوّدة.
(b) (b-b) إضافة من المسوّدة.
(c) بولاق: طاجاي.
(d) بولاق: القبق.
(١) كانت تربة الصّوفيّة في الموضع الذي يعرف الآن بجبّانة باب النصر خارج باب النصر. وقد دفن بهذه التّربة إضافة إلى صوفيّة الخانقاه الصّلاحية وخانقاه بيبرس الجاشنكير عدد كبير من العلماء منهم: مؤسّس علم الاجتماع العلاّمة عبد الرحمن بن خلدون ومؤرّخنا تقي الدّين المقريزي. (راجع، ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ٢٣٤: ٩، ٢٧٥، ٣٢٤، ٤٧٥، المقريزي: درر العقود الفريدة ٣٦٨: ٢، ٥٢٢، ٧٢: ٣، ٢٥٦، ٣٧٦).
وللأسف فقد أزيلت هذه التّربة في عام ٢٠٠٢ م بغرض توسيع الطريق المعروف بشارع جلال الواقع بمحاذاة سور القاهرة الشمالي ليربط بين شارع المنصورية شرقا وشارع الجيش غربا.
(٢) الأمير بدر الدّين أمير مسعود بن أوحد بن الخطير، أحد مقدّمي الألوف، المتوفى سنة ٧٥٤ هـ/ ١٣٥٣ م. (المقريزي: السلوك ١٠٢٢: ٢ (الكشاف)؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ١١٧: ٥ - ١١٨؛ أبو المحاسن: الدليل الشافي ٧٣٣: ٢ - ٧٣٤). وأشار إلى تربته صاحب كتاب تاريخ سلاطين المماليك ٢١٣.
(٣) انظر فيما تقدم ١٣٢: ٣ - ١٣٣.
(٤) توفي الأمير سيف الدّين كوكاي المنصوري السّلاح دار سنة ٧٤٩ هـ/ ١٣٤٨ م. (المقريزي: السلوك ٧٩٦: ٢؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٤١: ١٠).
وذكر أبو المحاسن أنّها كانت على رأس الهدفة تجاه تربة الملك الظّاهر برقوق؛ وانظر كذلك ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ٣٢٩: ٩، ٣٥٨، ٣٩٤، ٤٧٥؛ المقريزي: السلوك ٣١٩: ٣، ٤٥١ - ٤٥٢.
(٥) الأمير سيف الدّين طاجار المارديني الناصري الدّوادار، كان من خواصّ الملك الناصر محمد بن قلاوون ومن أكابر مماليكه. ورقّاه في الرّتب حتى ولاّه الدّوادارية. وكان ممّن انضمّ إلى الملك المنصور أبي بكر فقبض عليه عند خلعه وقتل مع الأمير بشتاك بثغر الإسكندرية سنة ٧٤٢ هـ/ ١٣٤٨ م. (المقريزي: السلوك ٥٧١: ٢، ٦١٤؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ٣١٤: ٢؛ أبو المحاسن: المنهل الصافي ٣٦٠: ٦ - ٣٦٢، النجوم الزاهرة ٧٥: ١٠).
(٦) تربة طشتمر السّاقي أنشئت سنة ٧٣٥ هـ/ ١٣٣٥ م، وتعرف أيضا بتربة حمّص أخضر، ما تزال قائمة في شارع -