بالعاملين وتقوية لهم: من العين أربعة وعشرين ألف ألف دينار وأربع مائة ألف دينار من جهات مصر، وذلك ما يصرف في عمارة البلاد لحفر الخلج وإتقان الجسور (a) وسدّ التّراع وإصلاح السّبل والسّانية (b)، ثم في تقوية من يحتاج التقوية من غير رجوع عليه بها، لإقامة العوامل، والتّوسعة في البذار، وغير ذلك. ومن الآلات، وأجرة من يستعان به من الأجراء لحمل الأصناف وسائر نفقات تطريق أراضيهم: من العين ثمان مائة ألف دينار. ولما يصرف في أرزاق الأولياء الموسومين بالسّلاح وحملته، والغلمان وأشياعهم، مع ألف كاتب موسومين/ بالدّواوين، سوى أتباعهم من الخزّان، ومن يجري مجراهم - وعدّتهم مائة ألف وأحد عشر ألف رجل - من العين ثمانية آلاف دينار. ولما يصرف في الأرامل والأيتام فرضا لهم من بيت المال، وإن كانوا غير محتاجين إليه، حتى لا تخلو آمالهم من برّ يصل إليهم: من العين أربع مائة ألف دينار. ولما يصرف في كهنة برابيهم وأئمّتهم، وسائر بيوت صلواتهم: من العين مائة ألف دينار. ولما يصرف في الصّدقات - وينادي في الناس: برئت الذّمّة من رجل كشف وجهه لفاقة ولم يحضر (c)، فلا يردّ عند ذلك أحد، والأمناء جلوس، فإذا رئي رجل لم تجر عادته بذلك أفرد بعد قبض ما يقبضه، حتى إذا فرّق المال واجتمع من هذه الطائفة عدّة، دخل أمناء فرعون إليه وهنّوه بتفرقة المال، ودعوا له بالبقاء والسّلامة، وأنهوا حال الطائفة المذكورة، فيأمر بتغيير شعثها بالحمّام واللّباس، وتمدّ الأسمطة، ويأكلون ويشربون، ثم يستعلم من كلّ واحد سبب فاقته، فإن كان من آفة الزّمان ردّ عليه مثل ما كان وأكثر، وإن كان عن سوء رأي وضعف تدبير، ضمّه إلى من يشرف عليه ويقوم بالأمر الذي يصلح له - من العين مائتا ألف دينار.
فذلك جملة ما تبيّن وفصّل في هذه الجهات المذكورة: من العين تسعة آلاف ألف وثمان مائة ألف دينار؛ ويحصل بعد ذلك ما يتسلّمه فرعون في بيوت أمواله عدّة لنوائب الدّهر وحادثات الزّمان: من العين أربعة عشر ألف ألف دينار وست مائة ألف دينار (١).
وقيل لبعضهم: متى عقدت مصر تسعين ألف ألف دينار؟ قال: في الوقت الذي أرسل فرعون بويبة قمح إلى أسفل الأرض وإلى الصّعيد، فلم يجد لها موضعا تبذر فيه لشغل جميع البلاد بالعمارة.
(a) في سراج الملوك: والإبقاء على الجسور. (b) بولاق: السبل والسياسة. (c) الأصل وبولاق: فليحضر. (١) ورد هذا النّصّ عند أبي بكر الطّرطوشي في كتاب سراج الملوك ٥٠٧ - ٥٠٩.