للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما ذكر في كتاب «هادي الرّاغبين في زيارة قبور الصّالحين» لأبي محمد عبد الكريم ابن عبد اللّه بن عبد الكريم بن عليّ بن محمد بن عليّ بن طلحة (١)، وفي كتاب «مرشد الزّوّار» للموفّق ابن عثمان (٢). وذكر الشّيخ محمد الأزهري في كتابه «في الزّيارة» أنّ أوّل من بنى عليه وحيّز، كبير التّجّار أبو زيد المصري، بعد سنة أربعين وستّ مائة.

ولم يزل البناء يتزايد إلى أن جدّد الحاج سيف الدّين المقدّم عليه قبّته، في أيّام الأشرف شعبان ابن حسين بن محمد بن قلاوون، قبيل سنة ثمانين وسبع مائة، ثم جدّدت في أيّام الناصر فرج ابن الظّاهر برقوق، على يد الشّيخ أبي الخير محمد ابن الشيخ سليمان المادح، في محرّم سنة إحدى عشرة وثمان مائة.

ثم جدّدت في سنة اثنتين وثلاثين وثمان مائة على يد امرأة قدمت من دمشق، في أيّام المؤيّد شيخ، عرفت بمرحبا بنت إبراهيم بن عبد الرّحمن أخت عبد الباسط، وكان لها معروف وبرّ، توفّيت في تاسع عشرين ذي القعدة سنة أربعين وثمان مائة.

ويجتمع بهذه القبّة، في ليلة كلّ سبت، جماعة من القرّاء، فيتلون القرآن الكريم تلاوة حسنة حتى يختموا ختمة كاملة عند السّحر. ويقصد المبيت عندهم، للتّبرّك بقراءة القرآن، عدّة من الناس. ثم تفاحش الجمع، وأقبل النساء والأحداث والغوغاء، فصار أمرا منكرا، لا ينصتون لقراءة، ولا يتّعظون بمواعظ، بل يحدث منهم على القبور ما لا يجوز. ثم زادوا في التّعدّي حتى حفروا ما هنالك خارج القبّة من القبور، وبنوا مباني اتّخذوها مراحيض وسقايات ماء.

ويزعم من لا علم عنده أنّ هذه القراءة، في كلّ ليلة سبت عند قبر الليث بزعمهم، قديمة من عهد الإمام الشّافعي. وليس ذلك بصحيح، وإنّما حدثت بعد السبع مائة من سني الهجرة بمنام ذكر بعضهم أنّه رآه، وكانوا إذ ذاك يجتمعون للقراءة عند قبر أبي بكر الأدفوي.


(١) صواب اسمه كاملا، أبو محمد (الفضل) عبد الكريم ابن عطايا بن عبد الكريم بن علي بن محمد بن عليّ بن طلحة القرشي الزّهري الإسكندري نزيل القرافة، المتوفى في رمضان سنة ٦١٢ هـ/ يناير سنة ١٢١٦ م. (راجع، المنذري: التكملة لوفيات النقلة ٣٤٦: ٢؛ الذهبي: تاريخ الإسلام، الطبقة الثانية والستون (نشرة مؤسسة الرسالة) ١٠٦ - ١٠٧؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ٨١: ١٩؛ السيوطي: حسن المحاضرة ٤٥٦: ١، بغية الوعاة ٣١١، وفيه: «أورده المقريزي في المقفى»، وهي من التراجم السّاقطة من النسخة التي وصلت إلينا.
ونقل المقريزي كذلك من كتابه الخاص بالزيارات في المقفى الكبير ٦٤٨: ٥ في ترجمة أبي بكر محمد بن داود الدّقّي. وراجع أيضا Ragib، Y.، Essai d'inventaire، pp. ٢٦٤ - ٦٥.
(٢) الموفق بن عثمان: مرشد الزوار ٤٠٨ - ٤٨١.