وأقام شيخنا أكمل الدّين محمد بن محمود في مشيخة الخانقاه ومدرّس الحنفيّة، وجعل إليه النظر في أوقاف الخانقاه، وقرّر في تدريس الشّافعيّة الشّيخ بهاء الدّين أحمد بن علي [بن عبد الكافي] (a) السّبكي، وفي تدريس المالكيّة الشّيخ خليلا - وهو متجنّد الشّكل وله إقطاع في الحلقة - وفي تدريس الحنابلة قاضي القضاة موفّق الدّين [عبد اللّه] (a) الحنبلي (١)، ورتّب لكلّ من الطلبة في اليوم الطعام واللحم والخبز، وفي الشهر الحلوى والزّيت والصّابون، ووقف عليها الأوقاف الجليلة؛ فعظم قدرها، واشتهر في الأقطار ذكرها، وتخرّج بها كثير من أهل العلم، وأربت في العمارة على كلّ وقف بديار مصر؛ إلى أن مات الشّيخ أكمل الدّين في شهر رمضان سنة ستّ وثمانين وسبع مائة، فوليها من بعده جماعة.
ولمّا حدثت المحن كان بها مبلغ كبير من المال الذي فاض عن مصروفها، فأخذه الملك الناصر فرج، وأخذت أحوالها تتناقص حتى صار المعلوم يتأخّر صرفه لأرباب الوظائف بها عدّة أشهر، وهي إلى اليوم على ذلك.
(a) زيادة من السلوك للمقريزي. - تدارك الأمير شيخو العمري الناصري عمّره اللّه ببقائه ونصره وضاعف أسباب ثوابه وأجره، وعوّضه بقصور الجنان بعد امتداد عمره، وتقبّل أعماله الصّالحة في سرّ القول وجهره وجعله خالصا لوجهه جائزا به على الصّراط المستقيم يوم معاده وحشره. تقرّب به إلى اللّه احتسابا وإيمانا، وابتغى به فوزا عند ربّه وغفرانا. وأوى به كلّ أشعث أغبر لو أقسم على اللّه لأبرّه، فأولاه إحسانا، وجمع به قوما كفاهم همّ المؤونة فكفاه اللّه شرّ يوم الفزع الأكبر ولقّاه أمانا. يواصلون العمل بالعلم ويقطعون الليل تسبيحا وقرأأنا (كذا) ﴿تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اَللّهِ وَرِضْواناً﴾. وكان ابتداء الشّروع فيه في شهر ربيع الأوّل سنة ستّ وخمسين وسبع مائة، والفراغ منه وممّا حواه في شهر شوّال من السنة المذكورة». van Berchem، M.،) وراجع عن الخانقاه، التى تعرف كذلك بالشّيخونية، أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٧: ١٣١، ٠١: ٩٦٢، ٣٠٣، ٢١: ٣٦، ١٣١؛ ابن إياس: بدائع الزهور ١/ ١: ٧٥٥ - ٨٥٥، ٣٦٥، ١/ ٢: ١٥٣ - ٢٥٣؛ علي مبارك: الخطط التوفيقية ٥: ٣٨ - ٤٨) ٤٣ - ٥٣ (؛ سعاد ماهر: مساجد مصر ٣: ٩٥٢ - ٦٦٢؛ سعاد محمد حسنين: أعمال الأمير شيخو العمري الناصري المعمارية بالقاهرة، رسالة ماجستير بآداب القاهرة ٦٧٩١؛ عاصم محمد رزق: خانقاوات الصوفية في مصر ١: ٥١٣ - ٦٥٣، أطلس العمارة الإسلامية ٣: ١: ٢ - ١٠٨٥. (١) المقريزي: السلوك ١٨: ٣.