أبي خيثمة، والحافظ أبي عبد اللّه بن منذر، والحافظ أبي نعيم الأصفهاني، والحافظ أبي عمر ابن عبد البرّ، والفقيه الحافظ أبي محمد عليّ بن أحمد بن سعيد بن حزم، لم يذكر أحد منهم صحابيّا يعرف بزرع النوى.
وقد ذكر في أخبار القرافة من هذا الكتاب «من قبر بمصر من الصّحابة»، وذكر في أخبار مدينة فسطاط مصر أيضا «من دخل مصر من الصّحابة»، وليس هذا منهم.
وهذا إن كان هناك قبر فهو لأمين الأمناء أبي عبد اللّه الحسين بن طاهر الوزّان. وكان من أمره أنّ الخليفة الحاكم بأمر اللّه أبا عليّ منصور بن العزيز باللّه، خلع عليه للوساطة بينه وبين الناس، والتّوقيع (١) عن الحضرة، في شهر ربيع الأوّل سنة ثلاث وأربع مائة. وكان قبل ذلك يتولّى بيت المال، فاستخدم فيه أخاه أبا الفتح مسعودا. وكان قد ظفر بمال يكون عشرات ألوف (a) وضياعات وأمتعة وطرائف وفرش وغير ذلك، في عدّة آدرّ بمصر، وجميعه ممّا خلّفه قائد القوّاد الحسين بن جوهر القائد. فباع المتاع، وأضاف ثمنه إلى العين، فحصل منه مال كثير، وطالع به (b) الحاكم بأمر اللّه فأمر (a) به أجمع لورثة/ قائد القوّاد، ولم يتعرّض منه لشيء.
وكثرت صلات الحاكم وعطاؤه وتوقيعاته بما يطلق في ذلك. فاتّصل به عن أمين الأمناء بعض التّوقّف، فخرجت إليه رقعة بخطّه في الثامن والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وأربع مائة، نسختها:
«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. الحمد للّه كما هو أهله:
[السريع]
أصبحت لا أرجو ولا أتّقي … إلاّ إلهي وله الفضل
جدّي نبييّ وإمامي أبي … وديني الإخلاص والعدل
ما عندكم ينفد، وما عند اللّه باق، المال مال اللّه ﷿، والخلق عيال اللّه، ونحن أمناؤه في الأرض، أطلق أرزاق الناس ولا تقطعها، والسّلام».
ولم يزل على ذلك إلى أن بطل أمره في جمادى الآخرة من سنة خمس وأربع مائة، وذلك أنّه
(a) بياض في بولاق. (b) ساقطة من بولاق. (١) حاشية بخطّ المؤلّف: «التّوقيع يعرف اليوم بوظيفة كتابة السّرّ».