ومدرسة ودّ الخورنق أنّه … لديها حظير والسّديد غدير
مدينة علم والمدارس حولها … قرى أو نجوم بدرهنّ منير
تبدّت فأخفى الظّاهريّة نورها … وليس بظهر للنجوم ظهور
بناء كأنّ النحل هندس شكله … ولانت له كالشّمع فيه صخور
بناها سعيد في بقاع سعيدة … بها سعدت قبل المدارس نور
ومن حيث ما وجّهت وجهك نحوها … تلقّتك منها نضرة وسرور
إذا قام يدعو اللّه فيها مؤذّن … فما هو إلاّ للنجوم سمير (a) وفي سنة سبع وأربعين وسبع مائة بنى الأمير أرغون العلائي، لمّا ولي نظر المارستان كتّاب الأيتام والحانوت المعدّ لسبيل الماء تحته على يسرة الدّاخل من باب المارستان، وجعل لذلك وقفا استجدّه.
وما زال أمر هذا المارستان في زيادة من القوّة ووفور من الحرمة، بحيث أنّه إذا تأمّر أحد من الأمراء - جليلا كان فيهم أو حقيرا - لابدّ أن ينزل من القلعة عندما يخلع عليه ليحلف عند قبر الملك المنصور بالقبّة من المارستان، ويكون ليوم التّحليف اجتماع واهتمام في المآكل والمشارب بقدر محلّ ذلك الأمير وكبر منزلته وعظم رتبته. ولم يزل ذلك رسما جاريا وحكما ماضيا إلى أن زالت دولة بني قلاوون.
وكان من رسوم هذا المارستان رعاية سكّانه وخدّامه فلا يمكّن وال ولا محتسب أن يحكم في أحد منهم ولا من التّعرّض إليهم، وإنّما يرجع أمرهم إلى الناظر ولا بدّ أن يكون أكبر أمراء الدّولة، ويليه ناظر آخر من أرباب العمائم يعدّ من أكابر رؤساء الدّولة - ويقال لها «الوزارة الصّغرى» - إلاّ أنّه منذ ولي الظّاهر برقوق المملكة بطلت أكثر رسومه واتّضعت عامّة أحواله لا سيما منذ كانت الحوادث والمحن سنة ستّ وثمان مائة، وتواترت فتن البلاد الشّامية وتغلّب عليها المارقون، بطل ما كان يصل إليه من مغلاّت بلاد الشّام وكانت جملة كبيرة، وكثر خراب أوقافه التي بالقاهرة وارتفعت أسعار المبيعات فنقص ما كان به وبطل الخبز الذي كان يفرّق فيه كلّ يوم على طوائف من أرباب السّتر، وبطل ما كان يصرف منه في كلّ يوم من السّكّر وأنواع الأشربة وأصناف العقاقير والأكحال والأدوية والدّجاج واللحوم للطوارئ من الناس، وكانت جملة كبيرة (a)،