للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستقرّت جامع خطبة لإقامة الجمعة بها، وخانقاه ودروس علم أربعة للفقه في المذاهب الأربعة ودرس تفسير ودرس حديث ودرس قراءات. وتقرّر في مشيخة الخانقاه وتدريس الحنفيّة الشّيخ علاء الدّين العلاء بن أحمد بن محمد السّيرامي إلى أن مات يوم الأحد ثالث جمادى الأولى سنة تسعين وسبع مائة، وفي تدريس التّفسير شيخ الإسلام سراج الدّين عمر البلقيني.

وجعل لكلّ من الطلبة الخبز واللحم المطبوخ في كلّ يوم والمعلوم من الدّراهم والصّابون والزّيت والحلواء في كلّ شهر. وجعل لها أوقافا تزيد عن المقرّر بها.

وخلع في هذا اليوم على الأمير جهاركس الخليلي وأركبه فرسا بعدّة ذهب، وخلع على المعلّم شهاب الدّين أحمد الطولوني المهندس (١) وأركب فرسا بعدّة ذهب، وعلى خمسة عشر من مماليك الخليلي وأنعم على كلّ منهم بخمس مائة درهم فضّة، وخلع على بقيّة أكابر الصّنّاع والمهندسين.

وقال شعراء الوقت فيها شعرا كثيرا؛ فمن ذلك قول شهاب الدّين أحمد ابن العطّار (٢):

[البسيط]

قد أنشأ الظّاهر السّلطان مدرسة … فاقت على إرم مع سرعة العمل

يكفي الخليلي أن جاءت لدعوته … شمّ الجبال لها تسعى على عجل


= ويدلّ على تاريخ الانتهاء من بناء المدرسة كتابة تاريخية بأعلى واجهة المدرسة نصّها:
«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم - الآية ٢١ سورة الحديد - أمر بإنشاء هذه المدرسة المباركة والخانقاه مولانا السّلطان الملك الظّاهر سيف الدّنيا والدّين، أبو سعيد برقوق سلطان الإسلام والمسلمين نصرة الغزاة والمجاهدين، حامي حوزة الدّين، ذخر الأيتام والمساكين، كنز الطالبين صاحب الدّيار المصرية والبلاد الشّامية - عزّ اللّه نصره - وذلك في مباشرة العبد الفقير إلى اللّه تعالى المقرّ السّيفي جركس الخليلي أمير آخور الملك الظّاهر أبو [كذا] سعيد برقوق، أدام اللّه أيّامه بمحمد وآله يا ربّ العالمين. وكان الفراغ في مستهلّ ربيع الأوّل سنة ثمان وثمانين وسبع مائة».
وانظر كذلك
(١) شهاب الدّين أحمد بن الطولوني مهندس المدرسة، هو مهندس ابن مهندس من أسرة اشتغلت بالعمارة وقامت بأعمال معمارية في مصر والحجاز، قال أبو المحاسن: «كان معلّم السّلطان ومهندسه وشادّ عمائره، ثم تزوّج الملك الظّاهر برقوق بأخته أو بنته، فنال بمصاهرة السّلطان السّعادة وأثرى وصار من ذوي الرّئاسة، وتوجّه إلى عمائر مكة غير مرّة آخرها في سنة ٨٠١ هـ، وتوفي عند عودته في صفر من هذا العام، ودفن بالمعلاة من مكة. (المنهل الصافي ٢٨٣: ٢ - ٢٨٤؛ وانظر كذلك المنهل الصافي ٢٩٨: ٩ ترجمته أو ترجمة أخيه؟)؛ وانظر كذلك ابن الفرات: تاريخ الدول والملوك ١١: ٤٧٧: ٩.
(٢) ابن حجر: إنباء الغمر ٣١٣: ١، ٣١٤.