للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمير آخور (١)، فشرع في هدم الخان والرّبع المذكور في يوم (a) الرابع والعشرين من شهر رجب سنة ستّ وثمانين وسبع مائة (٢)، وانتصب لذلك الأمير جهاركس بنفسه ومماليكه، وساق عدّة من الأبقار والجواميس لنقل الحجارة من الجبل على العجل، واستعمل الصّنّاع من الحجّارين والبناة والفعلة وغيرهم بالأجر ولم يسخّر أحدا من الناس في العمل، إلاّ أنّه كان دهقانا مماحكا عازفا يحبّ القلب في المعاملة، فثقل على العمّال ذلك منه (٣).

وسيّر إلى سواحل البلاد الشّاميّة فاحتمل القطع العظيمة من الرّخام الملوّن، وجدّ في العمل حتى تجمّلت في أعظم قالب وأتم هندام وأضخم بنيان وأجلّ مقدار وأوسع قدر كأنّها تضاهي أعمال إرم وتفخر على مصانع عاد وتسخر بمباني العمالقة. فاشتملت على أربعة أواوين دائرة، بساحة فيها بركة ماء، مفروشة كلّ هذه الأواوين والسّاحة بالرّخام البديع الزّيّ الفاخر المثمّن، وبدائرها كلّها الرّخام، وبحذائها قبّة جليلة شامخة قد أعدّت لدفن الأموات، ومن ورائها المساكن الكبيرة لطلبة العلم، والمطبخ لأجل الطعام، والميضأة والسّاقية (٤).


(a) بياض في المسوّدة. - وبدائع الزهور ٣٤٩: ٢/ ١، أنّ السّلطان استبدل خان الزّكاة من ورثة الناصر محمد بن قلاوون بقطعة أرض … ، وانظر كذلك فيما تقدم ٢٤٨: ٢.
(١) انظر عنه، فيما تقدم ٣١٢: ٣ هـ ٢.
(٢) راجع، المقريزي: السلوك ٥٢٣: ٣، ٥٤٣، ٩٤٦؛ ابن حجر: إنباء الغمر ٢٩٠: ١؛ أبا المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٣٩: ١١، ١١٣: ١٢؛ ابن إياس: بدائع الزهور ١/ ٢٩٥: ٢، ٣٤٩؛ وفيما تقدم ١٧٣: ٣.
(٣) ابن إياس: بدائع الزهور ٣٥٠: ٢/ ١.
(٤) ما تزال المدرسة الظّاهرية الجديدة (تمييزا لها عن المدرسة الظّاهرية العتيقة، التي أنشأها الظّاهر بيبرس) قائمة في شارع المعزّ لدين اللّه شمال المدرسة الناصرية وفي مواجهة قصر بشتاك. وهي عبارة عن صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات أهمّها إيوان القبلة الذي فرشت أرضيته بالرّخام. (راجع، علي مبارك: الخطط التوفيقية ٧: ٦ (٥)، ١٤٦ - ١٤٧ (٥١)؛ حسن عبد الوهاب: تاريخ المساجد الأثرية ١٩٢ - ١٩٧؛ سعاد ماهر: مساجد مصر ٣٧: ٤ - ٤٨؛ Lamei Mostafa، S.، Madrasa، Hanqah und Mosoleum des Barquq in Kariro، Gluckstadt؛ ١٩٨٢ عاصم محمد رزق: أطلس العمارة الإسلامية ٣٥: ٣ - ٧٠، والمصادر المذكورة في هامش ٢ فيما تقدم).
وهذه الخانقاه الملحقة بالمدرسة والواقعة خلفها اندثرت معظم التفاصيل المعمارية الخاصّة بها ولم يبق منها سوى أطلال حوائطها الخارجية ومدخلها المطلّ على حارة البرقوقية، وانظر فيما يلي ٧٤٣.