التّرمس في الموضع الذي يعرف خروجه منه، مكاكي (a) كثيرة، مبذّرا مبسوطا، فيأكله ثم يعود إلى الماء، فإذا شرب منه ربا التّرمس في جوفه وانتفخ، فينشقّ جوفه منه ويموت، ويطفو على الماء ويقذف به إلى السّاحل؛ والموضع الذي يرى فيه لا يرى به تمساح وهو على صورة الفرس إلاّ أن حوافره وذنبه بخلاف ذلك، وجبهته واسعة (١).
وقال المسبّحيّ: إنّ الصّنف المعروف بالبلطي من أصناف السّمك أوّل ما عرف بنيل مصر في أيام الخليفة العزيز بالله نزار بن المعزّ لدين اللّه، ولم يكن يعرف قبله في النّيل. وظهر في أيّامه أيضا سمك يعرف باللّبيس، وإنّما سمّي باللّبيس لأنّه يشبه البوري الذي بالبحر الملح فالتبس به، وغالب الظّنّ أنّها من أسماك البحر الملح دخلت في الحلو (٢).
ومن حيوان البحر التّمساح، قال ابن البيطار: التّمساح حيوان معروف يكون في الأنهار الكبار، وفي النّيل كثيرا، ويوجد في نهر مهران، وقد يوجد في بلاد السّودان، وهو الورل النّيلي. وقال ابن زهر (٣): إنّ كلّ حيوان يحرّك فكّه الأسفل إذا أكل، ما خلا التّمساح، فإنّه يحرّك فكّه الأعلى دون الأسفل.
وشحم التّمساح إذا عجن بالسّمن وجعل فيه فتيلة وأسرج في نهر أو أجمة، لم تنقّ (b) ضفادعها ما دامت تقد، وإن طيف بجلد تمساح حول قرية، ثم علّق على سطح دهليز لم يقع البرد في تلك القرية.
وإذا غضّ التّمساح إنسانا، فوضع على العضّة شحم التّمساح، برئ من ساعته؛ وإن لطّخ بشحمه جبهة كبش نطّاح، نفر كلّ كبش يناطحه وهرب منه. ومرارته يكتحل بها للبياض في العين فتذهبه. وكبده يبخّر بها المجنون فيبرأ.
(a) المسعودي: مكاكيك. (b) بولاق: تنعق وابن البيطار: تصح. (١) المسعودي: مروج الذهب ٨٤: ٢ - ٨٥. (٢) ابن إياس: بدائع الزهور ١٩٥: ١/ ١. (٣) ابن زهر، أبو مروان عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الإيادي المتوفى سنة ٥٥٧ هـ/ ١١٦٢ م طبيب أندلسي من أهل إشبيلية، لم يكن في عصره من يماثله في صناعته واتصل بعبد المؤمن بن علي مؤسس دولة الموحدين وصنف كتبا منها «التفسير في المداواة والتدبير» و «الأغذية» و «الجامع» في الأشربة والمعجونات (راجع، ابن أبي أصيبعة: عيون الأنباء ٦٦: ٢ - ٦٧؛ الصفدي: الوافي بالوفيات ١٦٢: ١٩؛، (Arnaldez، R.، El ٢? art.Ibn Zuhr III، p. ١٠٠١ ونص ابن زهر هنا مضمن في نص ابن البيطار.