رأسه وطرف ذنبه من غير استئصال، ويشقّ جوفه طولا، ويلقى ما فيه إلاّ كلاه وكيسه. فإذا نظّف حشي ملحا، وخيط الشّقّ، وعلّق منكوسا في ظلّ معتدل الهواء حتى يجفّ ويؤمن فساده، ثم يرفع في إناء متخرّق للهواء كالسّلال المضفورة من قضبان شجر الصّفصاف والخوص ونحوه إلى وقت الحاجة.
ولحمه - طريّا - حار رطب، والمجفّف أشدّ حرارة وأقلّ رطوبة، ولا يوافق استعماله من مزاجه حار يابس، وإنّما يوافق ذوي الأمزجة الباردة الرّطبة. وخاصّة لحمه وشحمه إنهاض شهوة الجماع، ويهيّج الشّبق، ويقوّي الإنعاظ، وينفع أمراض العصب الباردة، وخاصّة ما يلي سرّته ويحاذي ذنبه.
وينفع مفردا ومركّبا، واستعماله مفردا أبلغ؛ والمقدار منه بعد تجفيفه من مثقال إلى ثلاثة مثاقيل - بحسب السّنّ والمزاج والبلد والوقت الحاضر - يسحق ويذاب بشراب أو ماء العسل أو نقيع الزّبيب، أو يذرّ على صفرة بيض الدّجاج النيمرشت ويحتسى، وكذلك يفعل بلحمه إذا أخذ منه من درهم إلى درهمين وذرّ على صفرة البيض بمفرده أو مع مثله بزر جرجير مسحوق.
ولا يوجد السّقنقور إلاّ في بلاد الفيّوم خاصّة، وأكثر صيده في الأربعينات إذا اشتدّ البرد وخرج/ من الماء إلى البر، فحينئذ يصاد (١).
(٢) ومن عجائب النّيل فرس البحر (٣)، قال عبد اللّه بن أحمد بن سليم الأسواني في كتاب «أخبار النّوبة»(٤): ومسافة ما بين دمقلة إلى أوّل بلد علوة أكثر ممّا بين دمقلة وأسوان، وفي ذلك من القرى والضّياع والجزائر والمواشي والنّخل والشّجر والمقل والزّرع والكرم أضعاف ما في الجانب الذي يلي أرض الإسلام.
وفي هذه الأماكن جزائر عظام مسيرة أيّام، فيها الحيّات والوحوش والسّباع، ومفاوز يخاف فيها العطش. وماء النّيل ينعطف من هذه النّواحي إلى مطلع الشّمس وإلى مغربها مسافة أيام،
(١) ابن البيطار: الجامع ٢٠: ٣ - ٢٢. (٢) هذه الفقرة وردت في بولاق بعد العنوان وموضعها هنا، ونتج ذلك عن إساءة نقل النساخ للطيارات التي كان يضيفها المقريزي وعدم معرفتهم لموضعها الصحيح. (٣) انظر المسبحي: أخبار مصر ٥٧؛ عبد اللطيف البغدادي: الإفادة والاعتبار ٤٠ - ٤١. (٤) عن ابن سليم الأسواني. انظر فيما يلي ٥١٧.