مكتبا للسّبيل، فيه عدّة من أيتام المسلمين، ولهم مؤدّب يعلّمهم القرآن الكريم، ويجري عليهم في كلّ يوم لكلّ منهم أرغفة من الخبز النقيّ ومبلغ من الفلوس، ويقام لكلّ منهم بكسوتي الشّتاء والصّيف.
وجعلت على هذه الجهات عدّة أوقاف جليلة يصرف منها لأرباب الوظائف المعاليم السّنيّة.
وكان يفرّق فيهم كلّ سنة، أيّام عيد الفطر، الكعك والخشكنانك، وفي عيد الأضحى اللحم، وفي شهر رمضان يطبخ لهم الطعام. وقد بطل ذلك، ولم يبق غير المعلوم في كلّ شهر.
وهي من المدارس الكيّسة، وعهدي بها محترمة إلى الغاية،/ يجلس بها عدّة من الطواشيّة، ولا يمكّنون أحدا من عبور القبّة التي فيها قبر خوند الحجازيّة إلاّ القرّاء فقط وقت قراءتهم خاصّة. واتّفق مرّة أنّ شخصا من القرّاء كان في نفسه شيء من أحد رفقائه، فأتى إلى كبير الطواشيّة بهذه القبّة، وقال له:
إنّ فلانا دخل اليوم إلى القبّة وهو بغير سراويل. فغضب الطواشيّ من هذا القول، وعدّ ذلك ذنبا عظيما وفعلا محذورا، وطلب ذلك المقرئ، وأمر به فضرب بين يديه، وصار يقول له: تدخل على خوند بغير سراويل! وهمّ بإخراجه من وظيفة القراءة لولا ما حصل من شفاعة الناس فيه.