للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهي من أجلّ مباني القاهرة، وبابها من أعجب ما عملته أيدي بني آدم، فإنّه (a) قطعة واحدة (a) من الرّخام الأبيض البديع الزيّ الفائق الصّناعة، ونقل إلى القاهرة من مدينة عكّا. وذلك أنّ الملك الأشرف خليل بن قلاوون، لمّا فتح عكّا عنوة في سابع عشر جمادى الأولى سنة تسعين وستّ مائة، أقام الأمير علم الدّين سنجر الشّجاعي لهدم أسوارها وتخريب كنائسها.

فوجد هذه البوّابة على باب كنيسة من كنائس عكّا، وهي من رخام، قواعدها وأعضادها وعمدها، كلّ ذلك متّصل بعضه ببعض، فحمل الجميع إلى القاهرة، وأقام عنده إلى أن قتل الملك الأشرف (١). وتمادى الحال على هذا أيّام سلطنة الملك الناصر محمد الأولى، فلمّا خلع وتملّك كتبغا أخذ دار الأمير سيف الدّين بلبان الرّشيدي ليعملها مدرسة، فدلّ على هذه البوّابة، فأخذها من ورثة الأمير بيدرا - فإنّها كانت قد انتقلت إليه - وعملها كتبغا على باب هذه المدرسة.

فلمّا خلع من الملك، وأقيم الناصر محمد، اشترى هذه المدرسة قبل إتمامها والإشهاد بوقفها، وولي شراءها وصيّة قاضي القضاة زين الدّين عليّ بن مخلوف المالكي، وأنشأ بجوار هذه المدرسة من داخل بابها قبّة جليلة، لكنّها دون قبّة أبيه، ولمّا كملت نقل إليها أمّه بنت سكباي ابن قراجين (٢).

ووقف على هذه المدرسة قيساريّة أمير عليّ بخطّ الشّرابشيين من القاهرة (٣)، والرّبع الذي يعلوها - وكان يعرف بالدّهّيشة - ووقف عليها أيضا حوانيت بخطّ باب الزّهومة من


(a) (a-a) إضافة من المسوّدة. - الخارجي للمدرسة عليه سطران من النسخ المملوكي، نصّهما:
«بسم اللّه الرّحمن الرّحيم. أمر بإنشاء هذه القبّة الشّريفة والمدرسة المباركة السّلطان الأجلّ الملك الناصر ناصر الدّنيا والدّين محمد بن السّلطان الملك المنصور سيف الدّين قلاوون الصّالحي، قدّس اللّه روحه ونوّر ضريحه، وذلك في شهور سنة ثمان وتسعين وستّ مائة». van)
وما تمّ في سنة ٧٠٣ هـ/ ١٣٠٣ م هو ترميم مئذنة المدرسة المنصورية الذي تأثّر بزلزال سنة ٧٠٢ هـ/ ١٣٠٢ م. (راجع، van Berchem، M.، CIA Egypte I، nos. (٨٨ - ٩١; Wiet، G.، RCEA XIII، nos ٥١٦٠ - ٦٢، ٦٦
(١) المقريزي: السلوك ٩٥١: ١؛ العيني: عقد الجمان ٦٣: ٣.
(٢) وكانت مدفونة في التّربة المجاورة للمشهد الحسيني. (نفسه ٩٥١: ١؛ نفسه ٢٩٨: ٤؛ أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٢٠٨: ٨).
(٣) انظر عنها فيما تقدم ٢٨٨: ٣.