أنت الذي أمراؤه بين الورى … مثل الملوك وجنده أمراء
ملك تزيّنت الممالك باسمه … وتجمّلت بمديحه الفصحاء
وترفّعت لعلاه خير مدارس … حلّت بها العلماء والفضلاء
تبقى كما يبقى الزّمان وملكه … باق له ولحاسديه فناء
كم للفرنج وللتّتار بباب … رسل مناها العفو والإعفاء
وطريقه لبلادهم موطوءة … وطريقهم لبلاده عذراء
دامت له الدّنيا ودام مخلّدا … ما أقبل الإصباح والإمساء
فلمّا فرغ هؤلاء الثلاثة من إنشادهم، أفيضت عليهم الخلع، وكان يوما مشهودا (١).
وجعل بها خزانة كتب تشتمل على أمّهات الكتب في سائر العلوم، وبنى بجانبها مكتبا لتعليم أيتام المسلمين كتاب اللّه العزيز (a) وأجرى لهم الجرايات والكسوة، وأوقف عليها ربع السّلطان خارج باب زويلة، فيما بين باب زويلة وباب الفرج، ويعرف ذلك الخطّ اليوم به، فيقال «خطّ تحت الرّبع». وكان ربعا كبيرا لكنّه خرب منه عدّة دور فلم تعمّر (٢). وتحت هذا الرّبع عدّة حوانيت هي اليوم (b) من أجلّ الأسواق، وللناس في سكناها رغبة عظيمة، ويتنافسون فيها تنافسا
(a) بولاق: تعالى. (b) بولاق: الآن. (١) عبد الظاهر: الروض الزاهر ١٨٤ - ١٨٥؛ بيبرس المنصوري: زبدة الفكرة ٨٦. (٢) قدّم لنا ابن شدّاد وصفا تفصيليّا لربع السّلطان الظّاهر بيبرس يقول: «وأنشأ [أي السّلطان الظّاهر بيبرس] بظاهر القاهرة ممّا يلي باب الخرق ربعا طويلا كأنّه طراز يشتمل على قيساريتين إحداهما كبرى وفيها سفله حوانيت يعلوها طباق، ويعلو الطباق طباق أخرى، تكون عدّة الحوانيت الشّارعة ثمانية وثلاثين حانوتا، وعدّة الحوانيت التي بالقيساريتين مائة وثلاثة عشر حانوتا، وفي الممشى إلى باب الفرج من الرّبع المذكور ثمانية وعشرون حانوتا يجمعها صفّان، وعدّة الطباق العلوية والسّفلية مائة منزل وثمانية منازل، ووقف ثلثه على ولده الملك السّعيد - عزّ نصره - وثلثيه على مدرسته». (ابن شداد: تاريخ الملك الظاهر ٣٤٤؛ وانظر كذلك وثيقة الظاهر بيبرس البندقداري (محكمة ١٢٦) وما اقتطعه منها عبد اللطيف إبراهيم: الوثائق في خدمة الآثار «العصر المملوكي»، ٢٢١ - ٢٢٢؛ وعاطف عبد الدايم عبد الحي: شارع تحت الرّبع منذ نشأته وحتى نهاية القرن الثالث عشر الهجري - دراسة أثرية حضارية، رسالة ماجستير بكلية الآثار - جامعة القاهرة ١٩٩٧). ويدلّ على موضع ربع السّلطان الآن مجموعة المباني الواقعة تجاه تكيّة وزاوية الشيخ إبراهيم الكلشني بشارع تحت الرّبع على يمين الخارج من باب زويلة. (أبو المحاسن: النجوم الزاهرة ٦٦: ٩ هـ ٣).