المتخصّصين، لأنّه غني فقط بذكر ما شيّد أو خرّب أو غيّرت معالمه بالقاهرة من مساجد وقصور وأسبلة في الفترة التي عاصرها (١).
ويختتم هذه السّلسلة الطّويلة من كتب الخطط المصرية كتاب «الخطط التّوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومدنها وبلادها القديمة والشّهيرة» لعلي باشا مبارك الذي طبع بين سنتي ١٣٠٥ هـ/ ١٨٨٨ م و ١٣٠٦ هـ/ ١٨٨٩ م.
وقد بنى علي مبارك كتابه على «خطط» المقريزي وجعلها مرشدة الأوّل ومصدره الذي لا ينضب في التعريف والابتداء (٢) وجعل همّه تتبّع الخطط والمعالم والآثار طوال القرون الأربعة التي تفصل بينه وبين سلفه العظيم، وأن يصل حاضر خطط القاهرة بماضيها (٣). ورغم الجهد الكبير الذي بذله على مبارك في كتابه والذي وسّع إطاره ليشمل جميع المدن والقرى المصرية مع الترجمة لكثير من أعيانها في مختلف العصور، فالفرق شاسع بين ما دوّنه على مبارك في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي وبين ما دوّنه المقريزي في القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي، فكتاب المقريزي ينبض بالحياة ويتميّز بالدّقّة بعكس كتاب علي مبارك الذي نقل أغلب كتاب المقريزي وأضاف إلى كلّ معلم ما صار إليه في وقته ولكن دون رابطة تربط هذا الوصف وتصل أنحاءه. وقد تمكّن علي مبارك من الرّجوع إلى عدد كبير من كتب الوقف وعقود الأملاك استطاع من خلالها استخراج صور خطط القاهرة وأحيائها في العصر الإسلامي من خططها ومعالمها المعاصرة، وتقدير الأبعاد والمسافات التي تحدّد الكثير من هذه الآثار المندرسة.
ورغم أنّ علي مبارك اطّلع على وصف الحملة الفرنسية وكان هو نفسه مهندسا درس الهندسة في فرنسا فقد جاء وصفه للخطط خاليا من أيّة خريطة توضيحية خاصّة وأنّ كتابه تتعذّر الاستفادة منه الاستفادة الحقّة في غياب هذه الخرائط التوضيحية.
وتحتفظ دار الكتب المصرية بالجزء الثاني من مخطوطة عنوانها «نزهة الأبصار في خطط مصر القاهرة وما فيها من الآثار» وهي بخطّ مؤلّفها حسين وفائي المعروف بوفائي الحكيم كتبها سنة ١٣٣٦ هـ ومحفوظة تحت رقم ١٦٨٧ ط. وهذا الكتاب على شكل جداول تشرح أسماء
(١) محمد عبد اللّه عنان: المرجع السابق ٦٤ - ٦٦؛ عبد الرحمن زكي: «خطط القاهرة في أيام الجبرتي» في كتاب عبد الرحمن الجبرتي - دراسات وبحوث، القاهرة ١٩٧٦، ٤٧١. (٢) محمد عبد اللّه عنان: مصر الإسلامية ٧١. (٣) نفسه ٧٠.