للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأبقى منهم جوقتين، ووفّر جماعة من الأسرى والعتّالين والمستخدمين في العمائر، وأبطل العمارة من بيت السّلطان. وكانت الحوائج خاناه تحتاج في كلّ يوم إلى أحد وعشرين ألف درهم نقرة، فاقتطع منها مبلغ ثلاثة آلاف درهم، وبقي مصروفها في اليوم ثمانية عشر ألف درهم نقرة.

وشرع ينكّث على الدّواوين، ويحطّ على القاضي موفّق الدّين ناظر الدّولة، وعلى القاضي علم الدّين بن زنبور ناظر الخواصّ، ورسم ألاّ يستقرّ في المعاملات سوى شاهد واحد وعامل وشادّ بغير معلوم، وأغلظ على الكتّاب والدّواوين وهدّدهم وتوعّدهم فخافوه واجتمع بعضهم ببعض، واشتوروا/ في أمرهم، واتّفقوا على مال يتوزّعونه بينهم على قدر حال كلّ منهم، وجبوه وحملوه إلى منجك سرّا. فلم يمض من استقراره في الوزارة شهر حتى صار الكتّاب وأرباب الدّواوين أحبّاءه وأخلاّءه، وتمكّنوا منه أعظم ما كانوا قبل وزارته، وحسّنوا له أخذ الأموال.

فطلب ولاة الأقاليم، وفرض (a) على آقبغا والي الغربيّة، وضربه (b) وألزمه بحمل خمس مائة ألف درهم نقرة، وولّى عوضه أسندمر (c) القلنجقي، ثم صرفه وولّى بدله قطليجا مملوك بكتمر، واستقرّ بأسندمر (c) القلنجقي في ولاية القاهرة، وأضاف له التّحدّث في الجهات، وولّى البحيرة (d) لرجل من جهته، وولّى قوص لآخر، وأوقع الحوطة على موجود إسماعيل الواقدي متولّي قوص، وأخذ جميع حواصله (e)، وولّى طغاي كشف الوجه القبلي عوضا عن علاء الدّين عليّ ابن الكوراني، وولّى ابن المزوّق قوص وأعمالها، وولّى مجد الدّين موسى الهدباني الأشمونين عوضا عن ابن الأزكشي.

وتسامعت الولاة وأرباب الأشغال (f) بأنّ الوزير فتح باب الأخذ على الولايات، فهرع النّاس إليه من جهات مصر والشّام وحلب وقصدوا بابه، ورتّب عنده جماعة برسم قضاء الأشغال، فأتاهم أصحاب الحوائج.

وكان السّلطان صغيرا، حظّه من السّلطنة أن يجلس بالإيوان يومين في الأسبوع، ويجتمع أهل الحلّ والعقد مع سائر الأمراء فيه، فإذا انقضت خدمة الإيوان خرج الأمير منكلي بغا الفخري


(a) بولاق: وقبض.
(b) ساقطة من بولاق.
(c) بولاق: أستدمر.
(d) بولاق: البحرية.
(e) بولاق: خواصه.
(f) بولاق: الأعمال. - سلاخوري وهو خطأ. (القلقشندي: صبح الأعشى ٤٦٠: ٥).