فخلع على بيبغا روس (a) واستقرّ في نيابة السّلطنة بديار مصر عوضا عن الحاج أرقطاي، وقرّر أرقطاي في نيابة السّلطنة بحلب، وخلع على الأمير سيف الدّين منجك اليوسفي واستقرّ في الوزارة والأستادّارية، وقرّر الأمير أرغون شاه في نيابة السّلطنة بدمشق.
فلمّا دخلت سنة تسع وأربعين كثر انكشاف الأراضي من ماء النّيل بالبرّ الشّرقي، فيما يلي بولاق إلى مصر، فاهتمّ الأمراء بسدّ البحر ممّا يلي الجيزة، وفوّض ذلك للأمير منجك، فجمع مالا كثيرا وأنفقه على ذلك فلم يفد، فقبض على منجك في ربيع الأوّل.
وحدث الوباء العظيم في هذه السنة (١)، وأخرج أحمد شادّ الشّراب خاناه لنيابة صفد، وألجيبغا لنيابة طرابلس. فاستمرّ ألجيبغا بها إلى شهر ربيع الأوّل سنة خمسين، فركب إلى دمشق، وقتل أرغون شاه بغير مرسوم، فأنكر عليه وأمسك، وقتل بدمشق.
وفي سنة إحدى وخمسين سار من دمشق عسكر عدّته أربعة آلاف فارس، ومن حلب ألفا فارس إلى مدينة سنجار، ومعهم عدّة كثيرة من التّركمان، فحصروها مدّة حتى طلب أهلها الأمان ثم عادوا. وترشّد السّلطان، واستبدّ بأمره، وقبض على منجك وبيبغاروس (a)، وقبض بمكّة على الملك المجاهد صاحب اليمن وقيّد وحمل إلى القاهرة فأطلق، ثم سجن بقلعة الكرك.
فلمّا كان يوم الأحد سابع عشر جمادى الآخرة، ركب الأمراء على السّلطان - وهم طاز وإخوته، وبيبغا الشّمسي (b)، وبيغرا - ووقفوا تحت القلعة، وصعد الأمير طاز وهو لابس إلى القلعة في عدّة وافرة، وقبض على السّلطان وسجنه بالدّور، فكانت مدّة ولايته ثلاث سنين وتسعة أشهر. وأقيم بدله أخوه الملك الصّالح صالح.
فأقام السّلطان حسن منجمعا (c) على الاشتغال بالعلم، وكتب بخطّه نسخة من كتاب «دلائل النّبوّة» للبيهقي، إلى يوم الاثنين ثاني شوّال سنة خمس وخمسين وسبع مائة، فأقامه الأمير شيخو
(a) بولاق: يلبغا روس. (b) بولاق: يلبغا الشمسي. (c) بولاق: مجمعا. - ١٠٢: ٣ - ١٤٧، ١٧٦ - ٢٣٩؛ الفاسي: العقد الثمين ١٨٠: ٤ - ١٨١؛ المقريزي: السلوك ٧٤٥: ٢ - ٨٤٣، ١: ٣ - ٦٣؛ ابن حجر: الدرر الكامنة ١٢٤: ٢ - ١٢٥؛ أبي المحاسن: النجوم الزاهرة ١٨٧: ١٠ - ٢٥٣، ٣٠٢ - ٣٣٨، المنهل الصافي ١٢٥: ٥ - ١٣٢؛ Holt P.M.، El ٢ art.al-Nasir Hasan VII، pp. ٩٩٤. (١) انظر عن الوباء العظيم أو الفناء الكبير، فيما تقدم ٢٢٤: ٢ هـ ١.